الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
لا تزال الزيارة التي سيقوم بها رئيس الوزراء الأسترالي أنطوني ألبانيز إلى الصين في عام 2023 غير مؤكدة، إلا أن الاحتمالات كبيرة لتلبية الدعوة التي وجهتها له بكين، فقد أكدت وزيرة خارجية أستراليا بيني وونغ أن كانبيرا “ستتطلع للتأكد من إمكانية حدوث هذه الزيارة”، والسؤال الجوهري الذي يطرح نفسه هنا هو: ما الذي تطمح إلى تحقيقه زيارة رئيس الوزراء الأسترالي بشكل فعلي؟.
في أواخر عام 1996، تمكن رئيس الوزراء الأسترالي السابق جون هوارد من التغلب على فترات سابقة شهدت توتراً في العلاقات الثنائية بين البلدين من خلال تسوية ضمن”إطار عمل” للتعامل مع نظيره الصيني جيانغ زيمين.
فقد أقرّا إطار عمل هوارد – جيانغ حينها بالخلافات بين البلدين لكنهما اتفقا على التركيز على “المصالح المشتركة”.
كما أكد هوارد أيضاً لجيانغ أنه مهما كان رأي واشنطن، فإن كانبيرا لم تكن “تحاول احتواء الصين”، وعلى نحو أوسع، “فالتحالف بين أستراليا والولايات المتحدة لم يكن موجهاً إلى الصين بأي حال من الأحوال”.
وقد كان إعادة الالتزام بـ “المصالح المشتركة المهمة” بمثابة العمود الفقري للبيان المشترك بين أستراليا والصين لعام 2009 والذي قضى بإجراء تجارة متبادلة المنفعة وفقاً لمبادئ السوق”.
وبالنسبة إلى كانبيرا، فإن السعي إلى ترسيخ وجود أمريكي في المنطقة لتوفير” توازن استراتيجي ” شيء، لكن الانضمام إلى محاولة تقودها واشنطن لاحتواء صعود الصين شيء مختلف تماماً.
إن تجنب الاحتواء لا يعتبر تنازلاً أسترالياً، فقد صرح رئيس الوزراء الأسترالي السابق سكوت موريسون في عام 2020 أن النجاح الاقتصادي للصين كان أمراً جيداً بالنسبة لأستراليا، وقال:” ليست كل الدول لديها هذا الرأي، فبعض الدول في منافسة استراتيجية مع الصين وأستراليا ليست واحدة منها”.
في الوقت الذي تدعي فيه إدارة بايدن أن سياساتها لا ترقى إلى مستوى الاحتواء، فإن هذا التقييم لا يزال محل نزاع من قبل محللين أمريكيين مطلعين، فلم تكن طوكيو أو سيؤول أو لاهاي هي التي ضغطت على واشنطن لقطع وصول الصين إلى أشباه الموصلات المتقدمة في تشرين الأول 2022.
وعلى العكس من ذلك، فقد استغرق الأمر أكثر من عام من الحملة من قبل إدارة بايدن للتوصل إلى اتفاق والذي ما زالت تفاصيله غير واضحة.
إنَ أستراليا ليست منتجاً مشهوراً لسلع التكنولوجيا الفائقة، ولكن كانت هناك اقتراحات بأن كانبيرا قد تمنع المستثمرين الصينيين من تطوير مشاريع في قطاع المعادن المهم في أستراليا، وقد أكدت استراتيجية المعادن الحرجة التي أصدرتها الحكومة الأسترالية في حزيران 2023 على تعزيز مرونة سلسلة التوريد من خلال زيادة الاستثمار من ” الشركاء المتشابهين في التفكير”، وقد شملت قائمة الشركاء الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية والهند وتم استثناء الصين.
كما تمَ في عام 2023 حظر العديد من مقترحات الاستثمار في قطاع المعادن المهم في أستراليا والمرتبطة بالمصالح الصينية على أساس أنها ” تتعارض مع المصلحة الوطنية ”.
وبالنظر إلى أن سلاسل التوريد الصناعية الصينية تعتمد كلياً على المواد الخام المستوردة، بما في ذلك خام الحديد والليثيوم الأسترالي، فمن غير المستغرب أن يُنظر إلى الحظر الشامل على الشركات الصينية على حصص في مواقع المناجم بشكل غير مهم.
إن إبعاد الصين عن مبادرات التكامل الاقتصادي الإقليمي مثل الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ (CPTPP) سيكون أيضاً غير متناسق مع نهج “تجنب الاحتواء”.
وإذا كانت الوزيرة وونغ تشير إلى أن بكين تتحمل مسؤولية خلق العديد من “الظروف الإيجابية” التي من شأنها أن تؤدي إلى زيارة ناجحة لرئيس الوزراء ألبانيز في وقت لاحق من عام 2023، فيتوجب على كانبيرا في الوقت ذاته أن تقرر ما إذا كانت الزيارة سترقى إلى مستوى عالٍ أم لا.
المصدر – منتدى شرق آسيا