كانت طيبة و مميزة المبادرة التي صنعتها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك هذا العام لنشر أسواق وصالات عرض مستلزمات العودة إلى المدارس، والتفعيل الحقيقي لتطبيقات مفهوم التدخل الإيجابي.
وقد كانت مشاهد إقبال الأسر على الصالات مفرحة وسارة، بقدر ماكانت الشكاوى من ارتفاع الأسعار مثيرة للكآبة والقنوط، قبل إعلان المبادرة.
الوزارة كانت صاحبة البصمة الأكثر وضوحاً، رغم أن بعض اتحادات و غرف قطاع الأعمال كانت شريكاً في مختلف الأسواق التي يصر رجال الأعمال على وصفها بأنها “خيرية”… لكن هنا ثمة مايجب قوله، وحقائق لابد من التذكير بها، بما أن الموقف ذو بعد وطني وعام.
فلا يجوز أن تشكو أسر في بلد كسورية من أعباء تأمين مستلزمات العودة إلى المدارس، بما أن المدارس هي “بيوتات” التأهيل وبناء مهارات من سيكونون يوماً كوادر النهوض بمقدرات البلاد وجزءاً هاماً من مقوماته ونقاط قوة اقتصاده، ولعلنا متفقين على ميزة التفوق التي عرفت بها الكوادر السورية في مختلف الاختصاصات، هنا وفي الخارج حيث هاجرت واستقرت العقول السورية الغضة والخصبة في إنتاح القيم المضافة الحقيقية.
نعم مدارسنا منارات صناعة الكوادر التي تشغل وتدير وتطور شركات ومصانع قطاع الأعمال السوري، الآخذ بالاستحواذ على الحصة الأكبر من مكونات الاقتصاد المحلي، بعد أن تم إطلاقه كشريك تنموي وقطاع وطني، أسقط عن نفسه تهمة الطفيلية التي طالما غلفت أداءه طيلة عقود غابرة.
مشكورة وزارة التجارة الداخلية، لأنها كانت الذراع الدافئة للدولة التي تتلمس أوجاع مواطنيها، ولأنها قامت بما كان يجب أن يبادر به قطاع الأعمال، من منطلق إحساسه ثم اضطلاعه بمسؤولياته الاجتماعية، وليس له منّة هنا في مثل مناسبة تجهيز الطلاب وتحضيرهم للعام الدراسي الجديد، لأنه يكون قد خدم نفسه أولاً قبل الطلاب وذويهم الذين اكتووا بلهيب أسعار استحقاقات لابد منها.
مرة أخرى ..لا نملك إلا أن نمتن لمبادرة وزارة “حماية المستهلك” فقد تدخلت في الوقت المناسب، كما لا نملك إلا الأمنيات لقطاع أعمالنا بمزيد من الحضور في أوساط المواطنين حيث يجب أن يكون، لعل رجالات القطاع يدركون أن أفضل وسيلة دعاية وترويج لأسمائهم وعلاماتهم التجارية، هي الظهور في أوقات الأزمات للتخفيف من أوجاع المتوجعين، فالمأزوم يتذكر أكثر من يتذكر من وقف بجانبه وآذره وشد من عزيمته.
وهنا سيكون على قطاع الأعمال الامتنان لوزارة التجارة الداخلية، لأنها ذكرتهم بواجباتهم و أخذت بأيديهم ليكونوا حيث يجب أن يكونوا في مثل هذه الظروف الصعبة.
نهى علي