الثورة – خانجو – أمجد عيسى:
تواصل الولايات المتحدة الأميركية بقيادة السياسة الغربية القائمة على تأجيج التوترات ونشر الفوضى والاضطرابات في العديد من البلدان والمناطق المنافسة لمصالحها، ولم تتوان في سبيل تحقيق أهدافها عن تقويض القانون الدولي عبر التدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدول والعمل على تأجيج الصراعات العرقية والطائفية والعصبيات وزعزعة الوضع الاقتصادي والمالي فيها، وصولاً إلى تفتيتها أو إضعاف كيان الدول ومؤسساتها لسلب قرارها وإرغامها على الانصياع للسياسات الغربية والأميركية.
ولم تقتصر محاولات الولايات المتحدة وأدواتها تطبيق سياساتها التخريبية تلك على الدول الصغيرة فقط، بل تمادت لتصل إلى عدد من الدول الكبرى، وعلى رأسها روسيا والصين، الأمر الذي نتج عنه تشكل إرادة دولية مقابلة تدعو للحفاظ على النظام العالمي والقانون الدولي واحترام حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، وما نشهده اليوم من تغيرات دولية على مختلف الصعد، وقد يكون أبرزها الإعلان مؤخراً عن توسع مجموعة “بريكس” الاقتصادية لتصبح ممثلة لـ٤٦ بالمئة من سكان العالم، يؤكد نشوء عالم متعدد الأقطاب، ليحل محل القطبية الواحدة التي هيمنت على العالم منذ انهيار الاتحاد السوفييتي.
وفي هذا الإطار سعت بكين وموسكو والدول الحليفة لهما بسياسة متوازنة غير معادية إلى إعادة تشكيل التوازنات على الساحة الدولية لخلق عالم متعدد الأقطاب، يكفل الحد من السياسات التخريبية التي تنتهجها الولايات المتحدة، وأدت إلى وصول العالم إلى شفير حرب عالمية ثالثة.
سورية إحدى الدول المستهدفة في السياسة الأميركية عبر تعريضها لحرب طويلة قاسية، استخدمت فيها واشنطن أبشع أدواتها وأقذرها من إرهاب وإجراءات قسرية أحادية الجانب، وعلى الرغم من صغر حجمها مقارنة بدول مثل الصين وروسيا، كانت من ضمن أبرز المنادين بالتعددية القطبية، وقد قال الرئيس الأسد خلال القمة العربية الأخيرة في جدة “نحن اليوم أمام فرصة تبدل الوضع الدولي الذي يتبدى بعالم متعدد الأقطاب كنتيجة لهيمنة الغرب المجرد من المبادئ والأخلاق والأصدقاء والشركاء، هي فرصة تاريخية لإعادة ترتيب شؤوننا بأقل قدر من التدخل الأجنبي، وهو ما يتطلب إعادة تموضعنا في هذا العالم الذي يتكون اليوم كي نكون جزءاً فاعلاً فيه”.
ومن هذا المنطلق لا يمكن فصل الزيارة التي يقوم بها الرئيس الأسد اليوم إلى الصين على رأس وفد سياسي واقتصادي بدعوة من نظيره الصيني ولقاء القمة الذي عقده زعيما البلدين اليوم في مدينة “خانجو” الصينية عن هذا السياق العام وخاصة في ظل تقاطع أهداف البلدين في السعي الدائم لتطوير العلاقات الثنائية ومواجهة الهيمنة الغربية عبر تعزيز الدور الصيني البناء في منطقتنا، ولا سيما بعد النتائج الإيجابية التي حققتها الدبلوماسية الصينية الهادئة، وفي مقدمتها ما يتعلق بالعلاقات السعودية الإيرانية، وبما يؤدي إلى المساهمة المشتركة في خلق عالم متعدد الأقطاب يسوده السلم والأمن والاستقرار بما يسمح بفتح أبواب التنمية للدول كافة، صغيرة كانت أم كبيرة وازدهار شعوبها.
ومما لا شك فيه أن علاقات الصداقة المتجذرة في أعماق التاريخ بين الصين وسورية، بحسب قول الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الأسد أواخر العام ٢٠٢١، والدور البنّاء الذي تلعبه الصين على الساحة الدولية ومساهمتها في السلام والتنمية في العالم من جهة، وتمسك البلدين معاً بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية ورفضهما الهيمنة وسياسة القوة، يجعلهما من الدول القادرة على البناء على كل ذلك من أجل تعزيز العمل المشترك مع الدول الصديقة والحليفة لمواجهة هيمنة الولايات المتحدة الأميركية وسياستها التخريبية التي تشكل التحدي الأكبر أمام تقدم المجتمعات وازدهار شعوب العالم.
التالي