ظافر أحمد أحمد:
ما من مبالغة إذا تمّ الربط بين غصات تصيب المواطن السوري بلقمة خبزه وعصّات تمارسها قاعدة التنف وباقي قواعد الاحتلال الأميركي في الجزيرة السورية على معيشة السوريين..، وإذا تطلب الأمر لابد من توضيح هذا الربط وفق سردية متخمة بالوقائع والحقائق.
إنّ الحرب الاقتصادية على سورية بأولوية تأثيرها على معيشة السورية بدأت مع أول حادث عنف مسلح ارتكبه من تعلّموا التفكير “الثوري” في مدارس (التطرف والجهاد) وتمّ تجميلهم بصفة (ثوار الربيع العربي)، ووجدوا في استهداف مكونات البنية التحتية السورية ضالتهم للحصول على حوريات الجنة من بوابة استهداف مؤسسات الاقتصاد السوري.
بعد خمسة شهور من اندلاع الحدث السوري في العام 2011 اعتمد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما أمرا تنفيذيا أبرز ما ورد فيه وأقساه هو محاصرة السوق التصديرية للنفط السوري..، وتعلم واشنطن أنّ الصادرات النفطية السورية هي المصدر الرئيس للقطع الأجنبي السوري وتموّل نصف موازنة الدولة، ولذلك شكلت محاصرة تصدير النفط السوري بدايات استنزاف القطع الأجنبي في سورية ومقدمات التقصير القسري للدولة في تمويل مشروعاتها وتمويل مستورداتها، والمقدمة التي فتحت الباب تدريجيا لسوق الدولار السوداء وتراجع قيمة الليرة.
وتطورت الحرب الاقتصادية بوضوح أكثر لاحقا إذ لم تكتف بالمحاصرة الغربية للصادرات السورية فشملت المحاصرة الأقسى لمستوردات سورية من المشتقات النفطية.
أوضح ما في المخطط الأميركي هو حرمان الدولة السورية من استخراج واستثمار نفطها، بقصد إسقاط الدولة اقتصاديا، وإجراء سبق (قانون قيصر بسنوات)، وبدأت خطوات حرمان سورية من نفطها منذ تأمين بيئة الفوضى الخلاقة التي اشتهرت واشنطن في تصنيعها فتسخنت شعارات (الحرية والديمقراطية) في الجزيرة السورية فرعت واشنطن دخول داعش من العراق ومكّنته من آبار النفط السورية، ثمّ بحجة مكافحته تدخلت في سورية وأنشأت عشرات القواعد اللاشرعية لحماية عملائها الانفصاليين وتمويل نفقات مشروع عملائها الانفصاليين من عوائد النفط السوري المسروق.
تكفّل الحرمان شبه الكامل للدولة السورية من نفطها منذ نهاية العام 2013 أوضح الأدلة على الحرب الاقتصادية الأشد على سورية، ومع محاصرة أي تجارة نفطية سورية مع الخارج أصبحت التكلفة الأخطر على الموازنة السورية هي تأمين المشتقات النفطية، والاضطرار الحكومي إلى إجراءات قسرية تخص سياسات دعم الوقود، مما انعكس بشكل واسع على أسعار جميع السلع وأعباء المعيشة.
بعد هذا الوضوح في نتائج حرب اقتصادية شنتها وقادتها واشنطن على سورية يعاب على أي متابع للشأن السوري عندما لا ينتبه إلى مخطط إسقاط الاقتصاد السوري من بوابة حرمان سورية من نفطها، ولا ينتبه إلى أنّ الاحتلال الأميركي في الجزيرة السورية شكل أول وأخطر وسيلة ضغط على معيشة السوريين ومستقبلهم السياسي.