الثورة – عمار النعمة:
أسم يحمل مقومات الإبداع، كتب الكثير وقدم عبر مسيرته الأدبية الكثير من الإصدارات اللامعة والتي حظيت باهتمام كبير من القراء والنقاد فهو صاحب “إضاءات في النقد العربي، ومرايا الرواية، سحر الكلمات «قصص»، وهواجس ناقد .. الخ “.. إنه د. عادل فريجات المؤمن بأنه في كل مكان يوجد مبدعون ولهذا كان ينثر بذاره في كل مكان ويشجع الأجيال الشابة على كتابة الشعر والقصة والرواية.
(في نقد السرد العربي)، عنوان عريض لمؤلفه د. عادل الفريجات، حيث يقع الكتاب في 204 صفحات من القطع الكبير .
يحاول د. عادل الفريجات في كتابه تقديم صورة بانورامية عن الهواجس المتباينة لمجموعة من الروائيين العرب، وعن طرائقهم المُجتَرحة في تناول موضوعاتهم، وبناء شخصيات رواياتهم، والرؤى والأفكار والمعاني التي حفلت بها.
يتضمن الكتاب دراسات لواحدٍ وعشرين أثراً فنياً سردياً، كتبها سبعة عشر روائياً، من سورية ومصر والجزائر ولبنان والأردن وفلسطين والعراق والكويت، سعى المؤلف من خلالها إلى ملامسة عناصر الخطاب، وتقنيات السرد في العناوين التي اختارها.
الكاتب د.عادل الفريجات اجتهد أن يكمل نقصا في مشهد النقد الروائي القائم ليشكل لبنة في صرح الدراسات السردية المعاصرة التي تسعى لمواكبة الإبداع ، هذه الدراسات تمثل هواجس متباينة لسبعة عشر روائيا عربيا .
والروائيون منهم أربعة من سورية «عبد الكريم ناصيف، فواز حداد، عيسى درويش، بديع حقي» عالجوا بسرودهم المدروسة وهي على التوالي «اعترافات سميراميس» التي تقف عند الفساد، و«جنود الله» تحكي غزو العراق، ورواية «أحلام منكسرة» تؤرخ للانفصال بين سورية ومصر، أما «الشجرة التي غرستها أمي» فهي سيرة ذاتية.
ومن لبنان قدم أمين معلوف تاريخ عائلته في محاولة تجمع بين سمات السرد وخصائص البحث العلمي التاريخي، ويصطنع أنطوان الدويهي لغزا باختفاء طوعي لحبيبة ثم راح يبحث عنها، أما روائيو مصر العربية فهم نجيب محفوظ، صنع الله ابراهيم، علاء الأسواني، ومن فلسطين الروائي حسن حميد والناقد يوسف اليوسف.
وتحت عنوان «التمرُّد على المألوف في السِّير الذاتية»؛ يدرس المؤلف مجموعة الأديب العربي الكبير نجيب محفوظ «أصداء السيرة الذاتية» الصادرة عام 1995، معتبراً أنها كانت ثمرة نضج تجربة الروائي الراحل، إذ أخرجها للناس وهو في الرابعة والثمانين من العمر. وهو أثر فني هام لمن يريد معرفة هذا الكاتب ورؤاه وفلسفته في أمور كثيرة كالكمال والزمن والصفح واللذة والألم والحب والحياة والناس وأشياء كثيرة جدا لم نبسطها كلها، مكتفين بقول القائل ” يكفيك من القلادة ماأحاط بالعنق” .
ويرى أنها كانت من زاوية أولى، تأملات شيخ سبر غور الحياة وغاص في أعماقها. ومن زاوية ثانية، كتاب سردي على الأغلب، قدم أفكاراً فلسفية مكثفة، لكن السرد خلَّصها من جفافها، وأضفى على كثير منها رونقاً وسحراً. ومن زاوية ثالثة، لون طريف من ألوان كتابة السيرة الذاتية، ويبدو ذلك من أنه لا يتحدث البتّة عن حياة فرد بعينه، فيخرج أحياناً عن معنى السرد ومواصفاته، ليدخل القارئ في باب الحكمة، أو القول المأثور من خلال مجموعة قصصية، تتراوح بين السطر الواحد والصفحة.
وتحت عنوان «الفساد روائياً» يناقش المؤلف ظاهرة الفساد في المجتمع عبر.. رواية الكاتب السوري عبد الكريم ناصيف «اعترافات سميراميس ملكة الشرق والسحر»، الصادرة عام 2007 لافتاً إلى ما تتضمنه من تخييل وافر متسع، وواقع حقيقي يكاد يكون مشخّصاً. يمزج فيها الماضي والحاضر، فسميرا ميس هذه الملكة الآشورية والقائدة المحاربة الشجاعة، ومعناها الحمامة وجدت لها شبيهة معاصرة، اسمها في الرواية سميرة بنت ميس أو (سميرة دك السور).
إن المشابهات بين هاتين المرأتين في الرواية، فكلتاهما خرجت من منبت متواضع، وكلتاهما صعدت إلى المجد صعوداً صاروخياً، لكن مع الفارق الكبير بين الشخصيتين بطبيعة الحال: سميرا ميس القديمة، بشجاعتها وبطولاتها، وسميرة بنت ميس ـ بتهافتها وارتباطاتها بذوي الجاه والسلطة، وطريقة صعود هذه الأخيرة في سلم المسؤولية بطرق غير شرعية.
مشيراً إلى أن ملامح التشابه بين الاثنتين، كانت الجسر الذي صنعه الكاتب لتقدِّم سميرا ميس المعاصرة اعترافاتها، لسميتها الغابرة.. وقد كان هذا الجسر الوسيلة لنبش أعماق امرأة جيء بها لتكون إنذاراً.. بأن تنبهوا فقد اقتربنا من الهاوية.
يتضمن الكتاب أيضاً دراسات لروايات أخرى من بينها النبطي ليوسف زيدان و«أمريكانللي» لصنع الله إبراهيم و«شيكاغو» لعلاء الأسواني و«أصابع لوليتا» لواسنيي الأعرج و«عصابة الوردة الدامية» للراحل مؤنس الرزاز، و«خارج الجسد» للأردنية عفاف البطاينة، التي اتسمت بأنها رواية تمرُّد نسوي على التخلف، و«ساق البامبو» لسعود السنعوسي، الفائزة بالجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) عام 2013، وغيرها.
التالي