اجتماع العائلة.. بين الأمس واليوم

الثورة – إعداد ياسر حمزه:

في الأمس القريب كان اجتماع العائلة على مائدة الطعام مرة أو مرتين كل يوم، مفصلاً أساسياً من مفاصل الحياة اليومية في حياة العائلة العربية، واستراحة رغيدة في رحلة اليوم الأسري.
و أثبتت المائدة دوراً اجتماعياً وتربوياً ونفسياً جوهرياً في حياة الأسرة، بدأنا ندرك أهميته اليوم بعد تقلص حضورها في حياتنا.
لقد كانت مائدة الطعام توفر الاستقرار الكافي لاجتماع الأسرة, وكان لها الفضل في توفير محطة للتزود بالدفء الأسري، يلتقي فيها أفراد العائلة متجاورين متقاربين، تاركاً كلٌ منهم برنامجه الخاص، ليحضر هذا الالتفاف الحميم، يخبر كل منهم عن أخباره، أو يستمع لها, فالوجبة العائلية كانت فرصة لتغذية الوشائج الأسرية بين أفرادها، ووقفة للتزود بالوقود لدعم الروابط الإنسانية الخاصة بين الأخ والأخت، الوالدين والأبناء، والزوجة والزوج، حين تدور بينهم أحاديث منوعة كتنوع الطعام نفسه، بين حديث مالح وآخر حلو، وكلام مر أو حامض.
ويبدو الحديث عن الفوائد الغذائية والصحية لهذا المظهر والقيم الغذائية المثالية التي تثبتها الدراسات اليوم أمراً بديهياً وغنياً عن البيان, فالوجبة المعدة في المنزل فضلاً عن كونها أوفر حظاً في سلامتها كونها تُعد بشكل خاص وبعناية كافية، فإنها أيضاً تتيح مراعاة الحاجات الغذائية لكل فرد له احتياجه الخاص من الأطفال أو الكبار أو المرضى, وقد أثبتت الدراسات أن الأشخاص الذين اعتادوا على الوجبة العائلية اليومية في صغرهم يتمتعون في شبابهم بعادات غذائية أفضل من أولئك الذين تخلو طفولتهم من اجتماع الوجبة العائلية.
ويوفِّر الجلوس على مائدة الطعام المناخ التربوي المفيد لتعليم الأطفال والصغار بعض العادات الصالحة وآداب الأكل والشرب، بل وآداب الكلام والاستماع، وهم يشاهدون مَنْ هم أكبر منهم يمارسون تلك العادات أمامهم في شيء من التربية بالقدوة، ولعل من أجمل تلك اللمحات التربوية لاجتماع العائلة على مائدة الأكل، الالتزام الصارم أحياناً في وقت مُحدَّد متعارف عليه، وأحياناً من دون نداء، بموعد الطعام والاجتماع إليه، مما ينظِّم يوم الأسرة ويضبط إيقاعه، ويمثل تدريباً يومياً للأبناء والصغار وحتى الكبار يعلِّمهم الانضباط واحترام الوقت، ففي الساعة المحددة هناك غداء ينبغي حضوره، والتأخر عنه يعني فاتورة من الجوع تدفعها المعدة لقاء تخلف صاحبها عن موعده، وكذلك الحال في العشاء، ما يجعل الإيقاع في البيت كله رغم اختلاف برامجه متوافقاً وملتزماً.
لا بد من الإقرار بأن هناك انحسار في دور المائدة العائلية في حياتنا اليوم, وأن هناك معطيات يومية جديدة بدأت تزاحم هذا الحضور الأصيل لهذا النشاط الأسري، وأخذ هذا الانحسار يترك انعكاساته على الروابط الأسرية ذاتها، والعلاقات الخاصة بين أفراد البيت الواحد.
إن مائدة الطعام اليوم تقف بحزن على أطلال العائلة المجتمعة حولها بالأمس، حين لم يكن خيار المطاعم وتوصيل الطلبات التي راج سوقها متاحاً, إذ لم يعد مستغرباً أن ترى مشهداً يُطرق فيه باب المنزل مرتين في نفس الوقت، ثم تجد على الباب رجلين يوصلان طلبين مختلفين لنفس البيت، لشخصين مختلفين من نفس العائلة لا يعلم أحدهما عن الآخر, أو تجد مائدة الغداء ممدودة وحولها الأم والأب فقط، لأن الأولاد مشغولون بهواتفهم النقالة كل في غرفته، أو مع أصدقائه خارج المنزل.
وهكذا أصبح اليوم العائلي يمر من دون اجتماع حقيقي، ومن دون لقاء صافٍ من ارتباطات الحياة وصخبها وتفاصيلها.

آخر الأخبار
ذكرى الكيماوي في الغوطتين.. جرح مفتوح وذاكرة عصيّة على النسيان قلب شجاع من تل أبيض ينال التكريم.. أبو عبدالله يثبت أن الإنسانية أقوى من المستحيل   مدير منطقة حارم يزور كلية الشرطة ويقدر جهودها في تخريج دفعة مكافحة المخدرات   بين الدخان واللهيب..  السوريون يكتبون ملحمة التضامن 6000 هكتار مساحة حرائق ريف حماة     طفولة بلا تعليم.. واقع الأطفال النازحين في سوريا   حلب تبحث عن موقعها في خارطة الصناعات الدوائية  الرئيس الشرع يصدر المرسوم 143 الخاص بالمصادقة على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب مدير المخابز لـ"الثورة": نظام إشراف جديد ينهي عقوداً من الفساد والهدر زيادة غير مسبوقة لرواتب القضاة ومعاونيهم في سوريا  الشيباني يبحث مع نظيره اليوناني في أثينا العلاقات الثنائية وقضايا مشتركة عاملة إغاثة تروي جهودها الإنسانية في سوريا ريف دمشق تستعيد مدارسها.. وتتهيأ للعودة إلى الحياة حماية التنوع الحيوي وتحسين سبل العيش للمجتمعات المحلية في البادية تحسين واقع الثروة الحيوانية في القنيطرة استئناف الصفقات الضخمة يفتح آفاقاً أوسع للمستثمرين في سوريا    اتوتستراد درعا- دمشق.. مصائد الموت تحصد الأرواح  تفريغ باخرة محملة بـ 2113 سيارة في مرفأ طرطوس وصول باخرة محملة بـ 7700 طن من القمح إلى مرفأ طرطوس تحميل باخرة جديدة بمادة الفوسفات في مرفأ طرطوس اليوم شوارع حلب بين خطة التطوير ومعاناة الأهالي اليومية