الملحق الثقافي- خالد عارف حاج عثمان:
قضايا اللغة الشعرية..في القصيدة الحداثوية…
والوصية- التعويذة- الوالدية…
*- من هالة يوسف غبضاني ؟.. الإنسان…والشاعر..البيئة والمحيط ؟:
– ..
أنا ابنة رجل
..
عرف صروف الحياة وكان عصامي التكوين..
مندوباً جهوياً حكومياً للثقافة
مدير معهد
أستاذ فلسفة ومحللاً سياسياً بامتياز…..
تشربت منه فنون الأدب والشعر منذ الصغر..
كان يصحبني معه في كل الملتقيات الشعرية والمحافل الأدبية..
وبقيت أطالع وأكتب في الخفاء كمحاولات شخصية..
إلى أن تزوجت
قبل أن يتوفى والدي قال لي: «
لم تكوني كما شكلتك منذ الصغر…
أردتك أن تكوني أنا وتعكسي صورتي…
فأنت شيء عظيم..
فوضعت هذه الوصية مثل عيني…
وعندما رجعت للكتابة…
وجدت الكلام ينساب سلساً ..
ألقى والدي رحمه الله تعويذته..
وأية تعويذه!!!
– لغتك الشعرية..
ومداميك قصيدتك..
فكراً وشكلاً..
ولنأخذ مثالاً على منجزك الإبداعي… قصيدتيك الأخيرتين…
الأولى(حوار في الغياهب) ..والثانية (قصة نسب)
تقول ضيفتنا الشاعرة هالة..
نعم ….
بصراحة هل أحسست أنه عميق..
لأن أختي لما قرأته قالت لي»فيه مفردات صعبة شوية مو مين ما كان يفهمها»..
أنا وجهة نظري أني أكتب لنخبة معينة…
لتفهم الصور العميقة
بصراحة في أشعار أفكارها وكلامها جداً عادي
أنه لو على الإحساس حتى كلمة»أحبك» تولد إحساساً..
لكنّ الشعر شي مختلف
ما أطرحه يجب أن يوصل رساله بلغة المثقف لا»المحس» أي الحسّاس فقط..
في نصي الأدبي الشعري…
فقد تعمدت ذلك.. فمثل هذه المفردات إن لم تجد من يجاهر بها فستبقى يتيمة هجينة…
وربما تموت….
النص…
وسنعرض في القسم الثاني من المادة..
إلى قراءتي النقدية لنصين شعريين حداثويين لها..نكشف من خلالها لطبيعة القصيدة لديها وخصائصها.النص
الأول:»حوار في الغياهب»:
هو جلب الجمال وحط الرحال وطلب المحال
هي بارح العشيرة فينبوعي استغدر وبرز اللخفوق خاطا صراطي
هي ولهي درب
نجومي بوصلة
قمري يحرسك
هيا اسعدي واصعدي
هي عواء الغاب
عويل الثكالى
وآهات اللثم في ليل بهيم
هو أتخافين لجة الصريم
فالهالة للنازفين بلا دماء
تلحفي النجوم وتوسدي القمر
والأفق غميم
لها فوق الاراك نئيم
أما قراءتي للنص:….
في ميعة الحوار
وتناغم المفردات برشاقة الحديث..وتجاذبه…
يتآلف الذهن صوتنا المخنوق..
وارتداده ..نشيجه المعلن على الملأ..
المكان واسع لاضفاف له
والخوف من غيابة جب السفر كأنما عير أخوة»يوسف» وقد وضع في رحل أحدها تعويذة الرحيل…
هي في تمام النضج والاكتمال والبهاء مثل نبع غدا جدولاً ثم غديراً فنهراً..
هي المرأة ألتي تعطي بلا حدود..
تمنح بأنانية المحبة..
وهو الذي قد أيقن السفر وجهز القافلة للرحيل في عمق صحراء التيه لايلوي على شيء سوى اقتناص اللحظة المشتهاة..
إنه خياره..
لكنما خيارها هي..إنها رمز الحب والعطاء والكرم..وضوحاً كما الشمس …لاعتمة الحوار..
أحسنت التعبير.. شاعرتنا/ هالة يوسف الغضبان/
حوارية ذاتية ذهنية ومونولوج داخلي بامتياز….
قصيدة:
«
قضية نسب»
هو أخضرها يابس
فكرها شتات بائس
يا أهل البصرة
هنيئاً بالبعير المعجوف
المرأة الضعوف
ألا تشتنشق الدماء
حرارة الروح
الداء الساكن في الأعماق
هو لا تحمل فكري ومائي
تاء أرض الشيح في وجداني
أريقوا دماء بعبق الخنوع
اقطعوا اليافوخ فيها
هي% مملوكة أنا
أنا الضعيفان كلاهما
هل من عتق رقبة
يا عربيا بطعم الأرض
وفوح البخور الجبلي
آه من رقاب المزاود
أضغاث عجم
أجلاف غتاة
أيا قداح الميسر العقل
تمر نبيذي أم زبيب..
شعر
/ هالة يوسف الغضباني../
قراءتي النقدية للنص..:
سهل جداً على الشعر..الحديث في النسب..فقد كان يوماً من أهم مواضيع الشعر ومفردات عموده…ولكن أن يصار إلى التحدث في القصيدة الحداثوية النثرية عن الانتماء فذاك صعب ولاتؤمن عقباه..
شاعرتنا(هالة يوسف غضباني) تمتلكه من موهبة وإبداع وبعد نظر وقراءة عميقة للتاريخ أفقياً وشاقولياً ..تمكنت من تطويع لغتها كي تلج كنه قضية النسب ومايعتري هذا النسب ويعترض العروبة من انتحالات ومؤمرات ودس سم في كأس عسلها..الشاعرة تحدث عن العرب والعجم..كما لو أنها مؤرخة أو باحثة اجتماعية أو عالمة بالأنساب واستطاعت فعل ذلك عبر لغة شعرية فصيحة مناسبة سهلة معبرة لاتخلو من بعض الكلمات ألتي تحاول إحياءها لكي لاتنقرض..
شكرا شاعرتنا أبدعت بلغة شعرية..نخبوية خاصة…
#- خاتمة..
هذه هي الشاعرة التونسية» هالة يوسف غضباني» الغضباني….
تتبعنا مصادر وينابيع ثقافتها وأسلوب حياتها..
وتعرفنا بعجالة على رؤيتها الشعرية للقصيدة النثرية الحداثوية القائمة على الرمزية والتاريخ والإسطورة بنقاء لغوي ومهارة وتمكن وامتلاك للأدوات الشعرية..بزخم ورؤى من وصية والدها المبدع..فكانت التعويذة التي حملتها بعد وفاته…وجعلت من شعرها شعراّ يتجاوز شعر ابناء جيلها وقد لمسنا ذلك عبر قراءة نصيّها..»حوار الغياهب..و»قصة نسب..»
العدد 1162 – 10-10-2023