ظافر أحمد أحمد
أكثر ما يمكن التنبه إليه في سخونة الحدث الفلسطيني حالياً هو أداء تيار من السياسيين والمحللين والإعلاميين خصوصاً من حملة الجنسية الإسرائيلية، ويسوّقون مقولة أنّ ما قامت به المقاومة الفلسطينية هدفه إفشال مشروع السلام العربي الإسرائيلي، وضرب استقرار المنطقة.
هذه المقولة بحاجة إلى تظهيرها كأخطر كلمة حق عصرية يراد بها باطل، فهي من جملة مقولات المنظومة السياسية والإعلامية الغربية وما يلف لفها.. والتي تعمل من أجل سلام يتسيد فيه الكيان الإسرائيلي المنطقة سياسياً ويقودها اقتصادياً.
الأجدى بالجمهور العربي الذي تحاول الدعاية الغربية هندسة عقله الإمعان بأخطر تصريح لرئيس حكومة الكيان الإسرائيلي نتنياهو المنكسر من هول صدمته بقدرة الفلسطينيين على نقل المعركة إلى عمق الأراضي المحتلة، وبذات الوقت الذي جيشه يغير على غزّة بأقسى وحشية عبر التاريخ ويتوعد بسحقها يقول: (سنغيّر الشرق الأوسط..)، وهذه الجملة الحقيقية التي تصدر عن المحتل وتؤكد أنّ كل مشروع السلام الذي يتم تسويقه هو وفق المفهوم الإسرائيلي يعني تصفية الحق الفلسطيني بالوجود، وهندسة الشرق الأوسط من خلال إرعاب شعوبه ودوله بأن من لا يستجيب للشروط الإسرائيلية في مسار يسمى السلام، خصوصاً من الأطراف المعنية بالصراع العربي الإسرائيلي بشكل مباشر، مصيره كمصير أحياء تمحوها القنابل الإسرائيلية في غزّة..، فخلاصة تحالف الدعاية الصهيونية مع الدعاية الغربية فرض إسرائيل كدولة يهودية يتم تجميلها بصفات ديمقراطية وعصرية، تؤهلها وحدها على التغيير في الشرق الأوسط ووفق مصلحتها.
يجب على العقل العربي ألاّ يهرب من الوقائع، فالصهيوني نتنياهو (اليميني) سبقه شمعون بيريز الصهيوني اليساري، والذي شغل مناصب رفيعة جداً لدى الكيان الإسرائيلي، ومهندس اتفاق أوسلو، وكان تحدث عام
1993 عن رؤيته للشرق الأوسط الجديد، وأكد في مقابلة صحفية عام 1995 أن هدف “إسرائيل” المقبل يجب أن يكون الانضمام الى جامعة الدول العربية، ولكن يجب أن تسمى جامعة (الشرق المتوسط)، وقال: نحن لن نصبح عرباً، ولكن الجامعة يجب أن تصبح شرق أوسطية.
من المهم الربط بين مفهوم الكيان الإسرائيلي للدولة اليهودية، ومفهومه للتغيير في الشرق الأوسط، الذي يتطلب من العقل العربي اعتماد تجربته المسماة (الربيع العربي).
إنّ الإرهاب الذي يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين وغيرهم، والإرهاب الذي تصنّعه المنظومة الغربية والإسرائيلية وتنشط على الأرض العربية تحت مسميات ثورية وتحررية هما وسيلتان أساسيتان للتغيير الإسرائيلي المخطط للشرق الأوسط، ولكن للتغطية عليه يتطلب تسويق ثقافة سلام تُشبع العقل العربي بحيث يراد منها أن توقع الضحية مستلبة على وثيقة إتباعها للعقل الإسرائيلي وهي تظن نفسها بأنّها تخدم استقرار المنطقة وتنتشي بتسميات تغييرية وتجميلية.
