د. مازن سليم خضور:
تناولنا في المقال السابق والمعنون “الطوفان يغمر المهنية المزعومة” تعاطي وسائل الإعلام الغربية من الأحداث الأخيرة في غزة بطريقة لا تمت للمهنية والموضوعية بشيء وفي هذا المقال سنتناول التعاطي السياسي الغربي الذي يدعي (الحرية والديمقراطية ودعم الشعوب) فيما يحصل في غزة.
لطالما تفاخر الغرب بالحرية والعدالة وتبني هذه المفاهيم وتصديرها للدول الأخرى بوصفها ماركة مسجلة له بينما على أرض الواقع والحقيقة هو أبعد ما يكون عنها وهذا ما أثبتته الوقائع في غزة.
الغرب الذي يدعي أنه بعيد كل البعد عن العنصرية وكل الأفراد لديه متساوون في الحقوق والواجبات لم تكن هذه النظرية سوى فقاعة إعلامية دحضتها الوقائع والتجارب على الأرض والأمثلة كثيرة بدءاً من إبادة الهنود الحمر السكان الأصليين لأميركا وصولاً إلى التعاطي مع السمر على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية سواء في أوروبا وصولاً الولايات المتحدة.
الغرب الذي يدعي بعده عن العصبية والقبلية وأن الولاء الوحيد هو للوطن دحض بنفسه هذه النظرية وهذا ما أكده كلام وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن الذي قال عند وصوله للأراضي المحتلة “أتيت كيهودي”!
وبالتالي إذا كان وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية – رائدة الحرية – يتحدث بهذه العصبية فلا عتب على الآخرين حسب منظورهم.
البؤرة الاستعمارية “إسرائيل” التي زرعوها في المنطقة لتنشر الحرية يقول المتحدث الرسمي باسم جيش احتلالها لـCNN: لن نسمح بدخول شيء لغزة يدعم قدرة المقاومة القتالية حتى ولو على حساب السكان!.. ألا يعتبر هذا جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية؟
الحرية المزعومة لم تقتصر على الولايات المتحدة الأمريكية ففي قرارات صادمة في ألمانيا.. برلين تحظر رسميًا ارتداء الكوفية الفلسطينية في المدارس وتمنع رفع الأعلام والشعارات وحتى الملصقات باعتبارها “تهديداً للسلام”.
في حين قرر وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان حظر المظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني في جميع أنحاء فرنسا!
من جانبه، قال رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، إن بلاده لن تسمح بأي مسيرات تؤيد “المنظمات الإرهابية”حسب تعبيره!
أما المملكة المتحدة وعبر وزيرة داخليتها سويلا برافرمان، فقد وجّهت رسالة إلى كبار قادة الشرطة في إنجلترا وويلز، تحذرهم من أي مظاهر لدعم المقاومة الفلسطينية وطالبت برافرمان، الشرطة باستخدام القوة الكاملة لمنع ظهور ما وصفته بـ”رموز أو شعارات معادية لإسرائيل في شوارع البلاد.
وشددت وزيرة الداخلية على أن كل من يرتدي زي الحركة، أو يردد شعاراتها، أو يحمل رايات وصوراً تؤيدها “يخل بالنظام العام، ويرتكب جريمة جنائية يعاقب عليها القانون”.
هذا غيض من فيض من حريتهم المزعومة ولكن بسبب هذه -الحرية- أصبحنا ممنوعين من نشر حقيقتهم على الوسائل التي أوجدوها في وسائل التواصل الاجتماعي كفيسبوك واكس وغيرها في دليل واضح وجلي على حريتهم التي لا نريدها.