الثورة _ رفاه الدروبي:
حملنا فلسطين في وتين القلوب وبين ثنايا الروح لتبقى الغصة في حلوقنا، وسحابة سوداء في العيون توشك أن تمطر، إنَّها الأبيَّة العزيزة، أرض المقدَّسات، التاريخ المشرق، والحاضر الدامي، قطع أبطالها عهداً على أنفسهم أن يبذلوا الغالي والرخيص في سبيلها كي تتنفَّس السلام والحرية، فالطيور آنَ لها الرجوع إلى أعشاشها إلى أرضها المعطَّرة بأقدام الأنبياء، حان لهم الرجوع إلى بيارات الزيتون والليمون والبرتقال إلى بيوت تناديهم بعدما هُجِّروا منها قسراً.
فسلاماً لأرض خلقت للسلام جميلة كيوسف، خانها العالم كإخوته فأُسدلت عليها ستارة مظلمة منذ خمسة وسبعين سنةً، ليلها الطويل حجب عنها الضوء إلا من إشراقة بعض الأخوة، وخلدتها أقلام الأدباء بحبرهم المُغمَّس ببحر عكا وحيفا وغزة ومنهم الشاعر الشهيد الفلسطيني عبد الرحيم محمود المولود في بلدة عنبتا الواقعة قرب طولكرم، حيث فاضت روحه إلى بارئها في معركة الشجرة عام 1948م بعد أن نسج بدمه قصيدة الشهيد:
سأحمل روحي على راحتي
وألقي بها في مهاوي الردى
أخوفاً وعندي تهونُ الحياة
وذُلاّ وإنّي لربّ الإبا
بقلبي سأرمي وجوه العداة
فقلبي حديدٌ وناري لظى
وأحمي حياضي بحدّ الحسام
فيعلم قومي أنّي الفتى
قبحاً لزمن حمل لهم الموت والحزن والأسى مدى العمر بأيدي غدر “صهيونية” ضربت بكافة العهود والمواثيق والأعراف، لم تعرف إلا القتل والتدمير والحقد، بئس الناس من يحبون أن يشربوا كؤوس الدم مترعة ويتلذذون بمشاهدتها فصبراً يا أهل غزة فإنَّ الموعد آتٍ، والحق يعلو ولا يُعلى عليه، ولا بدَّ أنَّ فجر النصر قادم على يد الأبطال الأشاوس ينقضُّون على أبي لهب وأعوانه ناشرين المحبة والسلام إنَّها فلسطين البتول والمعجزة، مهبط الأديان السماوية ومهد الحضارات منذ فجر التاريخ.
