الثورة – همسة زغيب:
نظَّمت المديرية العامة للآثار والمتاحف ندوة علمية أثرية تراثية فلكلورية برعاية وزارة الثقافة بعنوان “أهمية الإرث الثقافي السوري العالمي وآلية النهوض به وصوته وحفظه وتوثيقه وحمايته والطرق المثلى لاستثماره” قدمت الدكتورة سلسبيل أمين ندوة حول أهميّة الهوية الوطنية والإرث الثقافي السوري العالمي وآلية النهوض به وصوته وحفظه وتوثيقه وحمايته والطرق المثلى لاستثماره في القاعة الشامية بالمتحف الوطني بدمشق.
الهوية الثقافية
الدكتورة أمين أشارت إلى تشكل الهوية الثقافية السورية من إرث ثقافي يمثل خبرات الإنسان السوري المتراكمة واكتسابها عبر العصور من تجاربه مع البيئة المحيطة به من الأفراد والجماعات، وتأثرت تلك الهوية بالموقع الجغرافي والفلكي والمتغيرات الطبيعية والبشرية مَنْ تركت بصماتها الواضحة عليها فتميزت بالإبداع، والتجدد والتنوع، وتؤكد أنَّ سوريا واحدة من أغنى الدول ثقافياً، حيث تتداخل الثقافات العربيّة والكرديّة والأرمنية والشركسية والآشورية في نسيج المجتمع السوري مشكلة سمفونية رائعة الألحان، محافظة على سياق وجوهر الهوية، متعمقةُ جذورها في التاريخ، وخير شاهد على ذلك النص الاوجاريتي.
الوعي التاريخي
ولفتت الدكتورة سلسبيل إلى أنَّ الإرث الثقافي يشكل جوهر الوعي التاريخي، حيث يعتبر سجلاً حياً لتجارب الشعوب، وتطورها عبر الزمن والممارسات الاجتماعية المنقولة من جيل إلى آخر، كما يساهم في نقل القيم الاجتماعية المشكلة للمجتمعات عبر الزمن. كذلك يساعد على معرفة جذورنا التاريخية المتعمقة والمتأصلة في التاريخ سوريا مهد الحضارات القديمة، حيث كان أول تدوينة موسيقية اكتشفت في القرن الرابع عشر قبل الميلاد “ترنيمة نيغال” وأول أبجدية في أوجاريت متسائلة كيف لشعب عرف لغة الرّوح وعلّم العالم الأبجدية ألّا يرتقي؟
كما انتقلت إلى أنَّ الإرث الثقافي وثيقة للأحداث التاريخية فدراسة التراث تُمكّن الأجيال من الخيال واستيعاب كيفية تطوير المجتمع السوريّ، ومعرفة السوريين بتاريخهم العريق يساعدهم في فهم حاضرهم والتخطيط لمستقبلهم خاصة في ظل تحديات تواجه البلاد، وعقبات تقف أمامهم، ومن أكثر العقبات التراث الثقافي السلبي الذي خلفه النظام البائد ويبدو جلياً في رقيقة التفكير والسلوك البري حيث إنَّه عزّز الأنانية وأصل الشرور، وعمل على قتل الأخلاق الفاضلة حملها السوريون منذ آلاف السنين وفق خطة ممنهجة لتدمير الإرث الثقافي للشعب السوريِّ، فيتوجب على المعنيين بالأمر توثيق كل جرائمه لتبقى إرثاً ثقافياً سلبياً يشكل وعياً فكرياً للأجيال القادمة، ويستخدم كمصدر تعليميّ يساعد في فهم التاريخ من منظور أعمق وأكثر ارتباطاً بالواقع.
إعادة البناء والترويج
ثم أكَّدت على ضرورة إعادة بناء الهويّة الوطنيّة من خلال إبراز الإرث الثقافي، والحفاظ على تنوعه كونه يبدو كلوحة فسيفساء كل جزء منها في غاية الأهمية لإكمال اللوحة مما يسهم في تعزيز الوحدة الوطنيّة واستعادة المكانة العالميّة لسوريا. في الوقت الحاضر هناك فرصة تاريخية نادرة لاستعادة أمجاد تراثنا الثقافي القديم ومواكبة الحضارة وتشكيل إرث حضاري للأجيال القادمة، ويقع بناء هويتنا بالشكل الأمثل على عاتق الحكومة مهام جليلة تبدأ بتشكيل حلقات مترابطة من التخصصات كلها وصنع دائرة واحدة لبناء أفضل رؤية لهويتنا دون المساس بجوهرها، وإدراج مؤشرات الهوية الثقافية في التقييم العلمي والوظيفي، سوريا غنية بالمواقع الأثرية السياحية من تدمر إلى القلاع، ومدرج بصرى فالجامع الأموي.
تخلل الندوة عرضين لجمعية العاديات، وفرقة الفلكلور الكردي “آشتي” قدمت أربع لوحات من التراث القديم اللامادي جسدت حالات مختلفة تتناول الثقافة الموسيقا والدبكات الكرديّة باعتبارها جزء لا يتجزأ من الثقافة السورية.