الثورة – محمود ديبو:
لا يزال عدد ليس بالقليل من التجار محجمين عن تجديد اشتراكاتهم في غرف التجارة وخاصة في غرفة تجارة دمشق وذلك منذ ثلاث سنوات وحتى الآن، الأمر الذي انعكس تراجعاً في أعداد المسجلين في قوائم الغرفة بمختلف تصنيفاتها ودرجاتها..
وبالأمس عادت غرفة تجارة دمشق لتذكر التجار وأصحاب الشركات المنقطعين وغير المسددين لاشتراكاتهم عن عام 2020 بالمبادرة إلى تجديد اشتراكاتهم السنوية قبل انتهاء العام الحالي 2023 لأنها بعد هذا التاريخ سوف تضطر إلى ترقين تسجيل كل من لم يلتزم بتجديد اشتراكه لدى الغرفة..وقد استندت الغرفة في ذلك على الفقرة الرابعة من المادة رقم 11 من القانون رقم 8 لعام 2020 الخاص بتنظيم الغرف واتحاد غرف التجارة السورية والتي تنص كما ورد في كتاب الغرفة، على أن العضو لدى الغرف التجارية يفقد صفة العضوية في حال عدم تسديد اشتراكاته السنوية دون عذر مشروع بعد إنذاره، وذلك بانقطاعه مدة ثلاث سنوات متتالية عن التسديد دون عذر يقبله المكتب التنفيذي للغرفة..
إلى هنا قد تبدو المسألة هي إهمال أو تقصير من التجار في عدم تسديد اشتراكاتهم أو ربما نسيان أو غير ذلك، لكن الواقع يتحدث عن حالة من عدم قبول ما نص عليه قانون تنظيم غرف التجارة الذي اشترط على كل طالب انتساب إلى الغرف التجارية تسجيل عدد محدد من عماله في التأمينات الاجتماعية بدءاً من صاحب المحل الصغير (سمان) وصولاً إلى الشركات التجارية الكبيرة وكل بحسب الدرجة التي يحصل عليها من الدرجة الأقل وصولاً إلى الدرجة الممتازة.
هذا الشرط الملزم لجميع المنتسبين إلى غرف التجارة هو السبب المباشر في توقف عدد من التجار عن تجديد اشتراكاتهم في عضوية غرفة التجار منذ تاريخ صدور القانون في العام 2020 الأمر الذي يشير إلى حالة تستحق الوقوف عندها لفهم هذا الرفض من قبل التجار في إعطاء جزء من عمالهم حقهم بالتأمينات الاجتماعية والتي هي ضرورة وأمان للعامل ولأسرته..
بالطبع فإن الجدل لايزال مستمرا بين الغرفة والأعضاء المنقطعين عن تجديد تسجيلهم واشتراكهم في الغرفة، حيث يطالب البعض بإعادة النظر بالقانون وخاصة المادة التي تنص على هذا الاشتراط وبعدها سيبادر البعض إلى التسجيل، فيما هناك من يرى أن هذا الشرط هو مشكلة وإن حلها بمعنى إلغاء هذا الشرط الملزم سيساهم في عودة الكثير من المنتسبين إلى غرف التجارة لتسديد التزاماتهم المالية تجاهها وإعادة تسجيلهم، وفي رأي آخر نجد من يربط خسارة غرف التجارة لأعضائها بهذا الشرط إلا بعض التجار المضطرين للاستيراد فإنهم مستمرون بتجديد اشتراكاتهم السنوية لضمان استمرارهم في عملهم، علماً أن مثل هذا الأمر وغيره من الالتزامات المفروضة على التجار هي السبب في الغلاء الفاحش الذي تشهده الأسعار في أسواقنا المحلية، بحسب أصحاب هذا الرأي..
بمقابل ذلك تشير مصادر غرفة تجارة دمشق بأن الأمر متابع وهناك سعي مع الحكومة لتعديل القانون بما يفضي إلى الوصول لحلول للكثير من القضايا المطروحة.
وفي نظرة عامة إلى هذه المشكلة المتجددة والتي بدأت منذ تاريخ صدور قانون تنظيم اتحاد الغرف والغرف التجارية نلمس أن عددا من المسجلين في قوائم غرف التجارة يجدون أنهم متضررون من ذلك فقط لأن مثل هذا الاشتراط يرتب عليهم التزاما ماليا تجاه التأمينات الاجتماعية، وهم في ذلك ينظرون إلى المسألة من جهة مصلحتهم متناسين أن للعامل مصلحة أيضاً في ضمان حقوقه المشروعة فهو يقدم جهده وخبرته وتعبه مقابل الحصول على دخل يقيه الحاجة، وبالتالي من حقه أن يكون له ضمان.
وهذا يدلل على أن سوق العمل لا يزال بحاجة إلى ضبط أكبر وخاصة فيما يتعلق بضمان حقوق العمال، فهناك أعداد كبيرة ممن يعملون في منشآت وشركات ومحال تجارية وسياحية وخدمية وصناعية ليس لديهم أي ضمان أو وثيقة أو عقد أو غير ذلك يثبت حقهم ويحميهم من التسريح التعسفي أو من التشغيل لساعات طويلة أو حصولهم على أجر قليل أو غير ذلك..وهنا يأتي دور التأمينات الاجتماعية في حصر ومتابعة ذلك وإلزام كل صاحب عمل بتسجيل عماله وضمان حقوقهم.. ولعل بذل جهد في هذا الاتجاه سيكشف حجم التهرب الكبير الذي يلجأ إليه عدد من أصحاب العمل بمختلف مجالاتهم من تسجيل عمالهم وهذا فيه خسارات متعددة منها خسارة التأمينات الاجتماعية لموارد كان من الممكن توظيفها في تحسين الخدمات التي تقدمها للعاملين في الدولة وفي القطاع الخاص على حد سواء الذين هم على رأس عملهم أو غيرهم من المتقاعدين.
