سوريا ترسم هويتها العربية الجديدة على أسس المصالح المشتركة

الثورة- نور جوخدار

مع إعادة رسم سوريا الجديدة لهويتها الإقليمية واستعادة دورها ضمن محيطها العربي، بدأت مرحلة سياسية واقتصادية دقيقة تحتاج من دمشق تحقيق توازن بين متطلبات الانفتاح، ومواجهة جملة من التحديات السياسية والاقتصادية المتراكمة.

ويعد انفتاح سوريا على محيطها العربي فرصة تاريخية لإعادة صياغة العلاقات العربية- السورية، على أسس تقوم على الشراكة والمصالح المتبادلة، عوضا عن التحالفات السابقة فهل سيكون بقدرة دمشق إدارة هذا الانفتاح العربي والانتقال إلى مستوى المصالح والتعاون الفعلي؟.

دمشق، تسرع الخطوات الإيجابية نحو إعادة ترميم العلاقات مع الدول العربية، بما يخدم المصالح العربية المشتركة، وتعمل مع أشقائها في العواصم العربية، لتجاوز بعض التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية المتشابكة، بعضها مرتبط بإرث سنوات القطيعة في عهد نظام الأسد المخلوع، وسياسية المحاور التي سار عليها آنذاك وتسبب في تدمير البلاد وعزلها عربيا ودوليا وإقليميا، وبعضها الآخر يرتبط بالوضع الأمني.
ومن أبرز تلك التحديات ملف اللاجئين السوريين في دول الجوار “لبنان والأردن”، حيث يشكل عامل ضغط سياسي وأمني واقتصادي، وأيضا ملف العقوبات، خاصة أن قانون قيصر، ما زال يؤثر على عمليات الاستيراد والتصدير من وإلى بعض الدول.

كذلك تواجه سوريا في هذه المرحلة، مجموعة من العراقيل مع الدول العربية منها تراجع حجم التبادل التجاري بشكل كبير منذ 2011، بفعل العقوبات والأوضاع الأمنية، وضعف البنية التحتية الاقتصادية داخل سوريا، نتيجة تداعيات الحرب وممارسات النظام المخلوع، ما يقلل من جاذبية السوق السورية أمام الاستثمارات العربية المحتملة وحاجة سوريا لتمويل ضخم لبرامج إعادة الإعمار.

في المقابل، تلوح في الأفق فرص واعدة لتفعيل التعاون العربي- السوري، سواء عبر بوابة إعادة الإعمار، أو من خلال مشاريع اقتصادية واستثمارية تعيد فتح آفاق جديدة للتعاون مع الدول العربية وتعزيز الشراكات معها أو من خلال توقيع اتفاقيات جديدة.

وفي هذا السياق، أكد منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة المقيم في سوريا آدم عبد المولى أمس، أن الأمم المتحدة ستواصل عملها الإنساني في سوريا، مع التركيز بشكل أكبر على إعادة الإعمار، مشددًا على أن إلغاء العقوبات وليس تعليقها، هو ما سيشجّع المستثمرين على العودة، مشيراً إلى أن الكونغرس الأميركي ينتظر لإلغاء “قانون قيصر” عوضاً عن تجديد تعليق العمل به كل ستة أشهر.

وأوضح أن من مصلحة المانحين الأوروبيين الاستثمار في استقرار سوريا وأمنها ورفاه شعبها، مؤكداً أن رفع العقوبات المفروضة على سوريا خطوة جبّارة، لكن ثمارها تحتاج إلى بعض الوقت.
وفي آيار الماضي، أصدر مركز الجزيرة للدراسات بحثاً بعنوان “التحديات الاقتصادية والتنموية في سوريا بعد انهيار حكم الأسد”، استعرض فيه أهم التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد منها الفقر والبطالة وإغلاق العديد من المؤسسات الإنتاجية وغيرها.

كما أوضح أن التعافي الاقتصادي يشكّل حجر الأساس لمرحلة ما بعد الحرب، من خلال تحديد القطاعات ذات الأولوية في مرحلة إعادة الإعمار، مع التركيز على التخطيط الإقليمي والعمراني كأدوات رئيسية للتنمية المستدامة.

وأوصى البحث بإصلاحات مؤسسية عميقة، وخطط اقتصادية متكاملة، مع تفعيل دور القطاع الخاص، والاستفادة من رأس المال البشري داخل سوريا وخارجها، والتخطيط العمراني لتحفيز التنمية الاقتصادية.
وفي النهاية، تظل العلاقات السورية العربية ركيزة أساسية في استقرار منطقة الشرق الأوسط، وتوفير بيئة آمنة وجاذبة للاستثمار، فاستعادة سوريا لمكانها الطبيعي في محيطها العربي، وتحويل هذا الانفتاح السياسي إلى شراكة حقيقية يتطلب إرادة سياسية متبادلة ورؤية استراتيجية تحقق مصالح الشعب السوري والشعوب العربية على حد سواء.

آخر الأخبار
الدبلوماسية السورية.. من التبعية والعداء إلى الاستقلالية والانفتاح   "صوت السلام" فعالية مجتمعية في طرطوس تشعل الفرح وتزرع الأمل   صحة المرأة في مواجهة سرطان الثدي: الوعي والدعم مفتاحا النجاة    الشيباني: الدبلوماسية السورية متوازنة ومنفتحة على الحوار والتعاون  سوريا تنضم إلى "بُنى".. انطلاقة جديدة لتعزيز  التعاون المالي الإقليمي والدولي  زيارة وزيري الاقتصاد والمالية إلى واشنطن..  تعزيز الشراكة وكسر العزلة  لجان وآليات لدفع التعاون بين الجمعيات الخيرية نحو آفاق من التأثير  الفضة مقابل الذهب..هل يمكن ضمان نفس مستوى الأمان؟    تأهيل 750 مدرسة وترميم 850 أخرى ووعود بتأمين مقعد دراسي لكل طالب   فريق الهلال الأحمر الجوال  بالقنيطرة.. خدمات طبية للمجتمعات المحلية   تكاتف سكان "غنيري" ..استعادة لبعض الخدمات وحاجة للاهتمام   إعادة الممتلكات ..تصحيح الظلم وبناء عقد اجتماعي شفاف ومتساو    انطلاق أول معرض للتحول الرقمي بمشاركة 80 شركة عالمية  ضحايا ومصابون بحادثي سير على أتوستراد درعا- دمشق وزير الاقتصاد يلتقي ممثلين عن كبرى الشركات في واشنطن التحويل الجامعي.. تفاصيل هامة وتوضيحات  شاملة لكل الطلاب زيادة مرتقبة في إنتاج البيض والفروج أول ظهور لميسي مع برشلونة… 21 عاماً من الإنجازات المذهلة  بيلوفسكي الفائز بسباق أرامكو للفورمولا (4)  خطة لتمكين الشباب بدرعا وبناء مستقبلهم