الدعم العربي لسوريا في إعادة الإعمار يؤسس لشراكات اقتصادية واستثمارية

الثورة- منهل إبراهيم:

إعادة بناء الاقتصاد وإعمار سوريا، من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة السورية الجديدة، فالنظام المخلوع دمر معظم البنية التحتية في أغلب المحافظات السورية، وتسبّب في تدهور كافة القطاعات الاقتصادية، من الزراعة والصناعة إلى الخدمات والتعليم، لهذا ستكون عملية إعادة الإعمار أمرا بالغ الأهمية لضمان استقرار البلاد وعودة المهجرين.

وتتطلب إعادة إعمار سوريا موارد مالية كبيرة، وتتراوح تقديرات تكلفة إعادة الإعمار بحسب تقارير صادرة عن الأمم المتحدة بين 250 مليار دولار وأكثر من 400 مليار دولار، اعتمادا على نطاق وحجم جهود إعادة الإعمار، وتشمل هذه الأرقام إعادة بناء البنية التحتية المادية، واستعادة الخدمات الأساسية، والاستثمار في التعافي الاقتصادي، ومع ذلك، فإن تعبئة مثل هذه الموارد المالية الضخمة لا تزال تشكل تحديا كبيرا.

ولا شك أن عملية إعادة الإعمار بسوريا، بدأت تأخذ مسارها التدريجي بعد سقوط نظام الأسد، وهي عملية ليست سهلة ولكن الشعب السوري قادر بمساعدة الأشقاء على المضي أشواطا بعيدة في طريقها الصحيح، وتعد مساهمات الدول العربية فيها جزءا مهما من جهود التعافي بعد الحرب، وتشمل هذه المساهمات تمويل المشاريع التنموية، وتقديم المساعدات الإنسانية، ودعم استعادة سبل العيش، وإعادة تأهيل البنية التحتية.
ويمثل صندوق الائتمان لإعادة إعمار سوريا آلية رئيسية لتلقي التمويل من الدول المانحة، وقد قدمت عدة دول عربية مساهمات مالية لهذا الصندوق، من بينها الإمارات العربية المتحدة، وبلغ إجمالي المساهمات في الصندوق حتى 24 مايو/ أيار 2025 حوالي 374.07 مليون يورو.

وصبت مساهمات الدول العربية في تمويل مشاريع تهدف إلى دعم الأمن الغذائي، وتوفير خدمات صحية وتعليمية، وإعادة تأهيل المنازل وشبكات المياه، وتقديم الدعم الزراعي.

وتؤكد وكالة الصحافة الفرنسية أن الشروع في عملية إعادة إعمار سوريا يتطلب تعاونا وثيقا مع المجتمع الدولي والدول العربية، للحصول على الدعم المالي والفني، ومن الضروري أيضا تحسين بيئة الأعمال، وتوفير حوافز تشجع الاستثمارات المحلية والدولية، وهذا سيسهم في خلق فرص عمل، وتحفيز النمو الاقتصادي المستدام، ما يعزز من قدرة البلاد على التعافي والعودة إلى مسار التنمية.

وقد حصلت الإدارة السورية الجديدة على تعهدات من دول عربية وأجنبية بتقديم دعم مالي خلال المرحلة القادمة يبلغ مجموعه 18مليار دولار حتى الآن.

والتعهدات المالية التي قدمتها هذه الدول جاءت في إطار حرصها على المساهمة في دعم خطة الإعمار الشاملة لمختلف القطاعات السورية التي تضررت نتيجة الحرب التي شهدتها البلاد منذ اندلاع الثورة عام 2011، وما تبعها من فرض عقوبات سياسية واقتصادية على النظام المخلوع.

ومن شأن التعهدات المالية التي حصلت عليها الحكومة السورية الجديدة وتوزعت بين منح ومساعدات وقروض ميسرة، المساهمة في  تنفيذ خطة إعادة الإعمار.

وكانت السعودية وقطر، سددت في وقت سابق الديون المستحقة على سوريا لصالح البنك الدولي والبالغة نحو 15 مليون دولار، ومدت قطر يدها لإعادة إعمار قطاع الكهرباء، ومنحت كل من المملكة العربية السعودية وقطر، من خلال سداد ديون سوريا لدى البنك الدولي، جرعة أوكسجين قوية لبلد أنهكته 14 سنة من الحرب والعقوبات.

وتفتح السعودية الباب واسعا لاستثمارات خليجية واعدة في إعادة بناء البلاد، ومن العاصمة دمشق، تعهد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بدعم بلاده لسوريا في مسيرتها نحو إعادة الإعمار، كما قدمت الرياض إلى جانب الدوحة دعما ماليا للقطاع العام، وترافق الدعم المالي للمملكة مع زيارة وفد اقتصادي سعودي رفيع لمناقشة استثمارات في قطاعات الطاقة، الزراعة، والبنية التحتية.

وفي 29 أيار الماضي تم توقيع مذكرة تفاهم ضخمة بين وزارة الطاقة وتحالف دولي تقوده شركة “أوروباكون القابضة” (UCC) القطرية، بحضور رسمي رفيع المستوى تقدمه الرئيس أحمد الشرع، وعدد من السفراء والمسؤولين الدوليين، في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى إعادة بناء البنية التحتية الطاقية في البلاد واستعادة عافيتها الاقتصادية، وتبلغ القيمة الإجمالية لمذكرة التفاهم 7 مليارات دولار، لتكون بذلك الأضخم في تاريخ سوريا على صعيد الطاقة، تشمل تنفيذ مشاريع استراتيجية لتوليد الكهرباء بقدرة إجمالية تصل إلى 5000 ميغاواط.

وتعتبر خطوة رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا الحلقة الأولى في عملية إعادة الإعمار.
وبدأت سوريا الجديدة في إعادة بناء علاقاتها الإقليمية على أسس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، وتمت إعادة فتح السفارات مع العديد من الدول العربية، وتم توقيع اتفاقيات تعاون جديدة في مجالات الطاقة والتجارة والأمن الغذائي، لاسيما مع الأردن والعراق ومصر.

ويؤكد خبراء في السياسة والاقتصاد أن سوريا ما بعد نظام الأسد تقف أمام لحظة فارقة، تعيد فيها صياغة علاقاتها الخارجية بما يخدم مصالحها الوطنية العليا، ويضمن استقلال قرارها السياسي، ويحقق إعادة إعمار وتنمية اقتصادية مستدامة.

وقد أثبتت المرحلة الجديدة أن سوريا ليست محكومة بعزلتها السابقة، والعلاقات الخارجية لم تعد مجرد انسياق وراء المحاور، بل أصبحت وسيلة لتحقيق الاستقرار والتنمية، ومع استمرار هذا التوجه، يمكن لسوريا أن تعود فاعلا إقليميا ودوليا يحظى بالاحترام والشراكة، لا التوجس والعقوبات.
هذا الانفتاح السوري الجديد لا يقتصر على الاعتراف السياسي، بل يشمل شراكات اقتصادية واستثمارية قد تكون ضرورية لمرحلة إعادة الإعمار.

آخر الأخبار
افتتاح أول فرن مدعوم في سراقب لتحسين واقع المعيشة " التنمية الإدارية" تُشكل لجنة لصياغة مشروع الخدمة المدنية خلال 45 يومًا تسويق  72 ألف طن من الأقماح بالغاب خطوط نقل جديدة لتخديم  5  أحياء في مدينة حماة مستجدات الذكاء الاصطناعي والعلاجات بمؤتمر كلية الطب البشري باللاذقية تحضيرات اللجنة العليا للانتخابات في طرطوس الوزير الشيباني يبحث مع رئيسة البعثة الفنلندية العلاقات الثنائية تناقص مياه حمص من 130 إلى 80 ألف م3 باليوم تحضيرات موتكس خريف وشتاء 2025 في غرفة صناعة دمشق وزارة الخزانة الأمريكية تصدر الترخيص 25 الخاص بسوريا .. رفع العقوبات وفرص استثمارية جديدة وتسهيلات ب... مجلس الأمن يمدد ولاية قوة "أوندوف" في الجولان السوري المحتل إعلام أميركي: ترامب يوقع اليوم أمراً تنفيذياً لتخفيف العقوبات على سوريا عودة مستودعات " الديسني" المركزية بريف بانياس تكريم الأوائل من طلبة التعليم الشرعي في التل انعكس على الأسعار.. تحسن قيمة الليرة السورية أمام الدولار "الاقتصاد".. منع استيراد السيارات المستعملة لعدم توافق بعضها مع المعايير ١٥ حريقاً اليوم ..و فرق الإطفاء في سباق مع الزمن لوقف النيران الشيباني يبحث مع وفد من“الهجرة الدولية” دعم النازحين وتعزيز التعاون "السودان، تذكّر" فيلم موسيقي عن الثورة والشعر ٥٢ شركة مشاركة... معرض الأحذية والمنتجات الجلدية ينطلق في حلب