الثورة- ظافر أحمد أحمد:
“العبث بمصير مليوني شخص في غزّة بالقتل والتهجير والمحاصرة والتجويع.. هو عمل حضاري”.. هذه خلاصة مقولة يسوّقها الكيان الإسرائيلي، وبينما يستعرض بقتل الأطفال الفلسطينيين والقضاء على مكونات غزة من بشر وحجر، يتباهى بأنّه يقود حربا يسميها “حرب جميع الدول المتحضرة والشعوب المتحضرة”..
الجندي الإسرائيلي مشبع ب(الأدبيات الصهيونية) التي تبيح الوحشية ضد الأطفال العرب ك”فعل إيماني” ومعتقد أملاه (خالق تلمودي ) خاص بصهيونية صنّعت يهودية وفق أهوائها ومآربها السياسية بحيث جعلت فلسطين التاريخية أرض الميعاد التي اختارها الله لمتعددي الجنسيات من يهود العالم.
وقادة الاحتلال مشبعون بمدارس التطرف الديني وإفتاءات حاخامات يكررون منذ سنوات طويلة (وجوب قتل أطفال العرب ) والمبرر وفق لسان حالهم (كي نسبب الحزن لأهاليهم)، ومنهم من أفتى بأنّ (طريقة الانتصار على العرب تتم بضرورة الانتقام منهم من خلال قتل الرضع)..، كما ينسبون إلى أحد أسفار ديانتهم حول أريحا: (أهلكوا كل من في المدينة من رجل وامرأة وطفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف، واحرقوا المدينة بالنار مع كل ما فيها..).
التصنيف الإسرائيلي الخاص بجعل كل من يعاضد ويتضامن مع الكيان الإسرائيلي ينتمي إلى العالم المتحضر، يتطابق إلى درجة كبيرة مع (الأدبيات الأميركية المشهورة) حول مزاعمها في محاربة الإرهاب وعملها على نشر الحرية وقيم العالم الديمقراطي، لذلك كل القوى التي تسعى إلى الحد من الهيمنة الأميركية، تصنفها المنظومة الأميركية بأنّها (قوى إرهابية، أو دول استبدادية أو دول راعية للإرهاب أو أنظمة غير ديمقراطية..)، وخلاصتها قوى ودول غير متحضرة تشكل خطرا على العالم الديمقراطي المتحضر الذي تمثله الولايات المتحدة ومنظومتها التابعة لها..، وتوزع واشنطن “كعكعة” التصنيفات بحسب ما تجده مناسبا للمقاومة الفلسطينية واللبنانية ودول محور المقاومة، وللاتحاد الروسي، وللصين وغيرها.
المعيار الإسرائيلي في الحرب والوحشية هو من معايير المنظومة الغربية التي تسوغ حروبها وتدمير البلدان والشعوب التي لا تتماشى مع المصالح الغربية..، فالرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش قال: “إنّ الله أوحى له بغزو العراق وطلب منه محاربة الاستبداد”..، وبالتذكير بخطابه الخاص بإعلانه غزو العراق: قال: “نأتي إلى العراق والاحترام يحدونا لمواطنيه وحضارته”، فكان ثمن احترامه المزعوم لحضارة العراق قتل وتشريد الملايين والتأسيس لمخططات تقسيمه..، والإدارة الأميركية المؤسساتية هي من ابتدعت مقولة أنّ (غزو أفغانستان والعراق” لدعم مسيرة الحرية في العالم)، لذلك لا تخجل من إدارتها لانخراط تنظيم القاعدة بفرعيه داعش وجبهة النصرة كأنموذج لتحقيق الحرية في سورية على سبيل المثال!.
هاهي الأساطيل الأميركية والغربية تلوث البحر الأبيض المتوسط لحماية الكيان الإسرائيلي وأنموذجه الذي يمثل القيم الغربية)، وللمشاركة أو الإشراف على نزيف الدم العربي، ولكن هذه المرة باسم التحضّر بعدما شرّعته طويلاً باسم السلام!.

السابق