لا يمكن أن نتجاهل اليوم دور الدراما التلفزيونية على اختلاف عناوينها في تناول الكثير من الموضوعات الاجتماعية والقيمية، وطرح قضايا المجتمع وهموم الناس في غير طريقة تستطيع أن تصل إلى المتلقي الواسع عبر ذاك الضيف القابع في كل بيت “التلفاز”، وفي الحقيقة استطاعت الدراما عبر مراحل تطورها أن تغطي عناوين وأحداث هي في عمق ما يحدث إن كان على صعيد اليوميات أو على صعيد بعض الظواهر التي تنبت في الشارع العربي، أو حتى في موضوعة الكوارث والحروب التي تتوالى على الشعوب العربية في واقعنا الحالي.
ولأنها الأكثر تأثيراً وثباتاً في الذاكرة، أخذت حيزاً كبيراً من صناع الدراما “مؤلفون، مخرجون، فنانون” فبتنا نرى لكل حدث دراماه التي توثق له، ولكن يبقى للحروب وتبعاتها وقفة مختلفة، فمن منا لم تأخذه أحداث مسلسل “التغريبة الفلسطينية”، أو ما قدمه المبدعون في مسلسل “أخوة التراب” وغيرها كثير.
ولكن اليوم نجد ابتعاداً عن هذا النوع من الدراما، في الوقت الذي نحن أكثر احتياجاً لأعمال توثق ما يحدث على الساحة العربية، لأن ما يحدث بات يشكل مفصلاً تاريخياً في تاريخ هذه الشعوب، فمن يتابع ما يجري في غزة، وكيف ينقلب السحر على الساحر، وكيف عاش الصهاينة المحتلون معنى الخوف والرعب والنزوح، يدرك أهمية توثيق هذه المرحلة، وبالطبع لانتصارات شعبنا وصموده خلال الحرب الأخيرة على سورية، أظن أنه لا تكفيها سلسلة طويلة من الأعمال التي تحاكي ما جرى ويجري في كل يوم.
ربما يبتعد بعض المنتجين عن موضوعات الحرب لأنها لا تجد سوقاً رائجاً في الفضاءات الأخرى، ولكن هذا لا يعني أن نغض الطرف عن هكذا أعمال، فهي لا شك تشكل وثيقة دامغة للأجيال تحكي صمود الشعوب ونضالاتها وتضحياتها، وتسجل بحبر من دم تاريخاً ثائراً على الطغيان من أجل مستقبل أكثر إشراقاً، ووطناً أكثر أمناً وأماناً، فهل يفعل مبدعونا، وتدور كاميراتهم لتلتقط اللحظة الفارقة في أحداث اليوم؟