“نوره”.. أول فيلم سعودي يشارك في مهرجان كان السينمائي

الثورة – أحمد صلال- باريس:

فيلم “نوره”، من إنتاج وكتابة وإخراج توفيق الزايدي، يستخدم لغة سينمائية هادئة للغاية لكشف الانقسامات بين المحافظين من أصحاب التقاليد وحاملي الحداثة، من دون الخوض في جدل الدين، فيلم جميل، لكنه يفتقر إلى بعض الإيقاع. المملكة العربية السعودية، التسعينيات، يصل نادر، المعلم الجديد، إلى قرية نائية، يلتقي بنوره، الشابة التي تسعى للحرية، ستُطلق علاقتهما السرية، المُفعمة بالفن والجمال، العنان للقوى الإبداعية التي تُحرك هذين الشخصين المُتقاربين، رغم الخطر.

العمل من بطولة يعقوب الفرحان وماريا بحراوي وعبد الله السدحان. تغزو سينما “عالم الشابة” دور السينما الفرنسية تدريجياً، ويعود الفضل في ذلك تحديداً إلى الدعاية التي أحدثها مهرجان كان السينمائي، تجدر الإشارة إلى أن اختيارات “نظرة ما” لعام 2024 غزيرة الإنتاج، مع ظهور أفلام جريئة ونضالية من جميع أنحاء العالم. نوره جزء من هذا التوجه الإبداعي، إذ تعكس عالمين، عالم حماة التقاليد في قرية مزروعة في صحراء السعودية، وعالم الحداثة من خلال معلم يأتي لتعليم الأطفال الكتابة والقراءة، إلا أن هذا الرجل القادم من المدينة لا يكتفي بالتدريس، بل يرسم أيضاً، ومن رسمة أُعطيت لأحد الطلاب بعد اجتيازه جميع اختبارات المعرفة، تتكشف الأحداث الدرامية، في الواقع. تطلب نوره، ابنة عم هذا الصبي، نوره تعشق الاطلاع على المجلات التي تعرض النساء الجميلات سراً، ورسماً بدورها، ومع ذلك، يبدو الرسم والإبداع والتشاور في الأعمال الفنية خروجاً عن التقاليد.

فيلم “نوره” فيلمٌ مُبسّطٌ للغاية في بنيته العامة، سرده خطّيٌّ، بل كلاسيكيٌّ، حتى وإن كان المخرج الشاب يُطلق مشروعاً جريئاً للغاية، ولعلّ هذا الأسلوب في التصوير، بروحٍ أكاديميةٍ نوعاً ما، ينبع من رغبته في تجنّب إثارة غضب السلطات السعودية أو الدينية، مع المخاطرة بموضوعٍ يبقى تحرير المرأة فيه محور رسالته.

تجدر الإشارة إلى أنه منذ عام 2018، سُمح للنساء بقيادة السيارات، ولم يعدن مُجبراتٍ على ارتداء العباءة في الأماكن العامة، تدور أحداث الفيلم هنا في قريةٍ نائية، بعيدةٍ عن صخب المدن، وبالتأكيد عن التطورات التشريعية والأخلاقية، لذا، فإن الفيلم ليس دعوةً للحرية بقدر ما هو مطلبٌ بأن تستفيد المجتمعات السعودية المتواضعة من التطورات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حتى الحصول على الكهرباء يُنظر إليه من قِبَل كبار السن على أنه أمرٌ غير مهم، أو حتى أمرٌ يجب حظره.

تُسلّط نوره الضوء على شخصيتين، أولاً، هناك المعلم، وهو فنانٌ أيضاً. خلف هذا الرجل الرمزي، يتجلى البعد الكامل لوصول المعرفة إلى القرى، يصل إلى مدرسةٍ حاملاً سبورةً وأقلاماً وكتباً، يجب ألا نقلل من شأن تأثير انتشار المعرفة على سكان الريف الذين تُتاح لهم فرصة تحقيق ذواتهم في مشروعٍ آخر غير مشروع المزارع، خاصةً مع عدم وجود مكانٍ للجميع بسبب النقص الحاد في المياه. ثم هناك الشابة نوره على الرغم من أن الفيلم يحمل اسمها، إلا أنها ليست البطلة الرئيسة للقصة، إنها الحل الذي يُمكن من خلاله نشر المعرفة والفن في بلدٍ غنيٍّ للغاية، ولكنه يتجاهل بلا شك سكانه الرُحّل. يتجاهل توفيق الزايدي أي شكل من أشكال البؤس في مقاربته للحياة اليومية لأهل القرية، فالناس يأكلون حتى الشبع، والماء متوفر في صهريج كبير في وسط القرية، وداخل المنازل، وإن كان متواضعاً، إلا أنه يوفر الحد الأدنى من الراحة.. وهكذا، يتيح مشروعه التركيز بشكل أفضل على وصول السكان المعزولين إلى المعرفة والثقافة، وتجاهل البعد الاجتماعي والاقتصادي لوجودهم. ويتساءل المرء، بطريقة ما، عن موقف المخرج من اقتصاد بلده، ولاسيما أن النهاية تُنذر بفرصة متاحة للجميع للوصول إلى المدينة والتقدم والاستهلاك.لا يزال فيلم “نوره” عملاً جريئاً من بعض النواحي، ولكنه يبقى خجولاً نسبياً، تجدر الإشارة إلى أن هذا أول فيلم له، وأن كفاح المخرج لإنتاج وتمويل وإخراج فيلم روائي طويل يتناول هذا الموضوع كان شاقاً.

ومن المتوقع أن يُسهم تسليط مهرجان كان السينمائي الضوء على أعماله في تطوير مشاريع أخرى، في الواقع، لا شك أن هذا المخرج الشاب يتمتع بنظرة ثاقبة للواقع تُنبئ بالأفضل للمستقبل. تجدر الإشارة إلى أن الزايدي بدأ في إخراج أفلامه الخاصة القصيرة في عام 2006، ويعدّ عضواً رائداً ومؤثراً في موجة السينما الجديدة في المملكة، إذ فاز فيلمه القصير “الجريمة المثالية” بجائزة أفضل مونتاج في مهرجان “جدة السينمائي” عام 2007، كما فاز فيلمه “الصمت” بجائزة الخليج للأفلام القصيرة في مهرجان “مسقط السينمائي الدولي” عام 2009، وعرض في أكثر من 20 دولة في العالم واختير من قبل إحدى المنظمات الأميركية لعرضه ضمن مكتبتهم الخاصة.

وفي عام 2014، كتب وأخرج فيلم “أربعة ألوان” بدعم من “Two Four 54” في الإمارات العربية المتحدة، وعُرض الفيلم في مهرجان “دبي السينمائي الدولي”، وظهر في سوق دبي السينمائي، وفي عام 2015 كتب وأخرج فيلم “الآخر” بتمويل من مؤسسة “مسك”، وحصل الفيلم على جائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان “الرياض السينمائي” 2016، وشارك فيه الممثل السوري البارز محمد القص، والممثل السعودي مشعل المطيري.

آخر الأخبار
ذكرى الكيماوي في الغوطتين.. جرح مفتوح وذاكرة عصيّة على النسيان قلب شجاع من تل أبيض ينال التكريم.. أبو عبدالله يثبت أن الإنسانية أقوى من المستحيل   مدير منطقة حارم يزور كلية الشرطة ويقدر جهودها في تخريج دفعة مكافحة المخدرات   بين الدخان واللهيب..  السوريون يكتبون ملحمة التضامن 6000 هكتار مساحة حرائق ريف حماة     طفولة بلا تعليم.. واقع الأطفال النازحين في سوريا   حلب تبحث عن موقعها في خارطة الصناعات الدوائية  الرئيس الشرع يصدر المرسوم 143 الخاص بالمصادقة على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب مدير المخابز لـ"الثورة": نظام إشراف جديد ينهي عقوداً من الفساد والهدر زيادة غير مسبوقة لرواتب القضاة ومعاونيهم في سوريا  الشيباني يبحث مع نظيره اليوناني في أثينا العلاقات الثنائية وقضايا مشتركة عاملة إغاثة تروي جهودها الإنسانية في سوريا ريف دمشق تستعيد مدارسها.. وتتهيأ للعودة إلى الحياة حماية التنوع الحيوي وتحسين سبل العيش للمجتمعات المحلية في البادية تحسين واقع الثروة الحيوانية في القنيطرة استئناف الصفقات الضخمة يفتح آفاقاً أوسع للمستثمرين في سوريا    اتوتستراد درعا- دمشق.. مصائد الموت تحصد الأرواح  تفريغ باخرة محملة بـ 2113 سيارة في مرفأ طرطوس وصول باخرة محملة بـ 7700 طن من القمح إلى مرفأ طرطوس تحميل باخرة جديدة بمادة الفوسفات في مرفأ طرطوس اليوم شوارع حلب بين خطة التطوير ومعاناة الأهالي اليومية