الثورة – محمود ديبو:
لعل أهم ما تحتاجه المدن القديمة سواء في دمشق أو حمص أو حلب أو غيرها من المحافظات هو ضرورة أخذ موضوع السماح بترميم المنازل القديمة داخل تلك المدن بالنظر إلى سوء الحالة الفنية والهندسية والمعمارية التي وصلت إليها الكثير من تلك البيوت والتي بقي ترميمها رهناً باشتراطات عديدة لدوائر الآثار والإدارة المحلية وغيرها ربما…
فكما نعلم أن الكثير من حوادث الانهيارات الكلية والجزئية أصابت بعضاً من تلك البيوت التي كانت بحاجة ماسة للترميم لكنها ولأسباب من هذا النوع انهار بعض من أسقفها أو جدرانها أو كلها دون أن يتمكن مالكوها من المحافظة عليها من خلال ترميمها وصيانتها بالشكل المناسب.
وهذا يقودنا هنا إلى تجديد التأكيد الذي رشح عن آخر اجتماع للجنة حماية مدينة دمشق القديمة بضرورة الإسراع بمنح التراخيص وأذونات الترميم بشرط أن تتناسب مع النسيج العمراني واستخدام المواد التقليدية في عمليات الترميم والصيانة..
ونقول تجديد التأكيد لأنها ليست هي المرة الأولى التي يتم التطرق إلى هذا الأمر والإشارة إلى الإسراع بمنح تلك التراخيص التي تخول مالكي المنازل والأبنية داخل مدينة دمشق القديمة من ترميمها والحفاظ عليها بوصفها إرثاً إنسانياً وحضارياً يضاف إلى باقي المعالم التاريخية التي لا تزال قائمة حتى الآن رغم مرور الزمن..
ولهذا فإن الأمر بات يتطلب أكثر من تأكيد وتشديد وتنويه وإشارة إلى الإسراع بمنح التراخيص، فهو يحتاج إلى خطوات جديدة تترجم على أرض الواقع وتتضح من خلال التنسيق الكامل ما بين الجهات المعنية في الآثار والمحافظة واللجان المشرفة والمسؤولة عن هذا الإرث الحضاري الممتد عبر التاريخ، ويشير إلى مرحلة مهمة من مراحل التطور العمراني في دمشق أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ ويثبت هذه المرحلة بكل تفاصيلها الهندسية والإنشائية التي تتميز بها تلك البيوت الدمشقية.
وفي مرحلة لاحقة يمكن الحديث عن الاهتمام بالخدمات المرتبطة بحياة سكان المدينة القديمة التي لا تزال مأهولة حتى الآن، والعمل على تحسين تلك الخدمات والمرافق العامة وتجميلها، وإزالة المخالفات والتعديات الحاصلة والتي باتت تشوه المشهد البصري وتخفي الكثير من المعالم التي يتميز بها نمط البناء العمراني للمدينة القديمة..
المسألة لم تعد تحتمل الكثير من الانتظار ونحن نشهد تحولات واضحة على معالم المدينة القديمة تارة بسبب الإهمال وتارة بسبب بعض الإجراءات والاشتراطات والتعليمات التي حالت لفترة زمنية طويلة دون أن يتم حماية هذا التراث العمراني وتسببت بشكل أو بآخر بتهدم جدران وسقوط أسقف وتداعيات كبيرة في عدد من تلك المنازل القديمة، وإن ما أبدته محافظة دمشق من اهتمام وما دعت إليه من ضرورة الإسراع في منح التراخيص اللازمة يجب ألا يقف عند حدود التوجيهات وربما الأمنيات ولا بد أن نجد له منعكسات عملية لإنقاذ ما تبقى من منازل أصابها ما أصابها من التلف والضرر بسبب عوامل المناخ والطبيعة والزمن والتي باتت بأمس الحاجة لمنحها فرصة جديدة للعودة إلى الحياة لتبقى دمشق تنبض بكل أشكال الحضارة والتميز والإبداع الإنساني.