بريطانيا وبلفور.. وصناعة الكيان الصهيوني الغاصب

فؤاد دبور – كاتب أردني:

تم إنشاء المنظمة الصهيونية العالمية التي عقدت مؤتمرها المؤسسي الأول في مدينة “بال” السويسرية (27-29) آب عام 1897، بزعامة الصحفي اليهودي “يثودور هيرتزل”، حيث وضع هذا المؤتمر الأسس لقيام “الدولة اليهودية”، على أرض فلسطين العربية، وقد حرص “هيرتزل” على تحقيق المشروع الصهيوني من خلال اتصالات مع عدد من الدول الكبرى وفي مقدمتها بريطانيا، التي تجاوبت مع المنظمة الصهيونية وتبنت مشروعها، بذريعة حاجة الدولة البريطانية إلى نفوذ اليهود في بعض الدول من جهة، والاستعانة بهم في حربها ضد الدولة العثمانية وبسط نفوذها على المنطقة العربية من جهة أخرى.
وترجمت الحكومة البريطانية تعاونها مع الحركة الصهيونية بإقدامها على إصدار وزارة الخارجية تصريحاً في 2/11/1917 أطلق عليه “وعد بلفور” حيث كان آرثر بلفور وزير الخارجية، يتضمن إقامة دولة اليهود، تم تسليمه إلى المليونير اليهودي روتشيلد وفق رسالة هذا نصها “عزيزي اللورد روتشيلد، يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته”.
لا يحتاج التصريح إلى تعليق، فلسطين عربية، يملكها أصحابها العرب وليس بريطانيا، أو اليهود، وليس من حق من لا يملكون الأرض انتزاعها من أصحابها وتمليكها لآخرين قادمين من دول عدة.
طبعاً، بذلت الحكومات البريطانية المتعاقبة، ولا تزال، كل جهد دبلوماسي وسياسي واقتصادي، وعسكري لتنفيذ هذا التصريح الوعد الكارثة ومن أبرز هذه الجهود، إقدام حكومة بريطانيا على احتلال جنوب فلسطين ووسطها في شهر كانون الأول عام 1917م أي بعد أسابيع من إصدار الوعد، مثلما أقدمت على احتلال مدينة القدس في الشهر نفسه، وأكملت احتلال كامل أرض فلسطين في شهر أيلول عام 1918م.
وبدأت حكومة بريطانيا بتهويد فلسطين العربية بالقوة العسكرية والسياسية وقد عملت على انتزاع قرار من عصبة الأمم في 24 حزيران عام 1922م بأن تصبح حكومة انتداب على فلسطين لتتمكن من إنجاز وعدها المشؤوم لليهود على حساب أصحاب الأرض وماليكها العرب الفلسطينيين وإمعاناً في هذه الإجراءات الظالمة التي تهدف إلى خدمة الصهاينة واليهود أرسلت اليهودي “هربرت صموئيل” أول مندوب سامٍ على فلسطين (1920-1925). وفتحت أبواب الهجرة لليهود، ومارست كل أنواع التعسف ضد العرب الفلسطينيين، وحتى لا نغرق بالتاريخ المليء بالإجرام البريطاني ضد شعب فلسطين نصل إلى عام 1948م، عندما حققت بريطانيا الخطوة الأساسية والهامة في تنفيذ الوعد المتمثلة في إعلان قيام “الكيان الصهيوني” في الخامس عشر من أيار عام 1948م بزعامة “حاييم وايزمن” الذي نشر في مذكراته عام 1949م ما يلي: “لقد احتضنت بريطانيا الحركة الصهيونية وأخذت على عاتقها تحقيق أهدافنا، ووافقت على تسليم فلسطين خالية من سكانها العرب لليهود سنة 1934م، ولولا الثورات المتعاقبة التي قام بها العرب لتم إنجاز هذا الاتفاق في الموعد المذكور، لكن المهم أن هذا الوعد يوضح أن الكيان الصهيوني كيان مصنوع استعماري استيطاني احتلالي، لا يقوم على العناصر والأسس التي تجعل منه دولة طبيعية حيث لا حق، ولا أصالة، ولا تاريخ لهذا الكيان بل إنه يتشكل من مجموعات غير متجانسة من مهاجرين تم استيرادهم من دول متعددة في هذا العالم، كيان يحمل بذور الفشل، لأنه صناعة استعمارية بريطانية وفرنسية ومن بعدهما حماية وإسناد أمريكي، وظيفته خدمة مصالحهم عبر العدوان على العرب من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب لإضعافهم والإبقاء على التجزئة ومنع وحدتهم والقيام باستنزاف قدراتهم العسكرية والاقتصادية، وما مارسه ويمارسه من عدوان وما مارسته العصابات الصهيونية من إجرام وقتل وهدم وترحيل عبر تاريخها يؤكد طبيعة هؤلاء الصهاينة الغاصبين، وما يجري من قتل وإجرام دموي بشع هذه الأيام في قطاع غزة وفلسطين ولبنان وسورية يؤكد هذه الطبيعة الإجرامية البشعة المتأصلة في فكر الصهاينة القتلة وفي سورية العربية منذ عقود وليس سنوات دلالة واضحة، يضاف إليها العدوان الصهيوني المتكرر والمستمر على شعب فلسطين وعلى مقاومة هذا الشعب وكذلك على مصر والأردن ولبنان والعراق وغيرها من أقطار الوطن العربي حيث ارتكاب المجازر الدموية واحتلال الأرض، وإقامة المستعمرات الاستيطانية في فلسطين العربية والجولان العربي السوري المحتل للمزيد من المهاجرين اليهود والصهاينة ومكوناتهم المتعاقبة التي فشلت في تحقيق حلمها الكبير “من الفرات إلى النيل” بفضل المقاومة العربية والإسلامية المخلصة لأرضها وشعبها وأمتها، تعيش هواجس الوجود، بعد فشلها أيضاً في تحقيق أهداف حروبها على المقاومة في لبنان تموز عام 2006م، وعلى الحروب العدوانية على قطاع غزة، عام 2008م، 2012م، 2014م، 2021م وهذه الأيام منذ الثامن من شهر تشرين الأول الماضي وفشلت في تحقيق مشروعها التقسيمي في سورية والعديد من أقطار الوطن العربي.

هذه عوامل قليلة من كثيرة تجعلنا نؤكد أن مثل هذا الكيان المصنوع استعمارياً في طريقه إلى الزوال، طال الزمان أم قصر، وهذا ليس حلماً بل حقيقة قادمة. ولن ينقذ هذا الكيان الغاصب دعم القادة في أمريكا، بريطانيا فرنسا، ألمانيا، إيطاليا وغيرهم من الداعمين لهذا الكيان الغاصب المجرم القاتل.

* أمين عام حزب البعث العربي الديمقراطي في الأردن – تحت التأسيس

آخر الأخبار
اليوم بدأ العمل الجاد   الشرع: سوريا لكل السوريين بطوائفها وأعراقها كافة.. وقوتنا بوحدتنا كهرباء ريف دمشق: صيانات وتركيب تجهيزات جديدة وحملات لإزالة التعديات    القبض على شبكة مخدرات وعصابة سرقة أموال وسيارات      استبدال خط "سادكوب" لتحسين ضخ المياه وتقليل الفاقد بحماة   "مكتب الاستدامة" تجربة رائدة في بناء قدرات الطلاب ودعم البحث العلمي  تكريم كوادر مستشفى الجولان   عودة ألف تاجر حلبي منذ التحرير ... "تجارة حلب": رفع العقوبات يعيد سوريا إلى الاقتصاد العالمي فعاليات من حلب لـ"الثورة": رفع العقوبات تحول جذري في الاقتصاد مجموعة ضخ أفقية لمشروع بيت الوادي في الدريكيش  رسالة للصين.. تايوان تختبر نظام  HIMARS الصاروخي الأمريكي لأول مرة   DW:  سوريا مستعدة لازدهار الاستثمار مع رفع العقوبات الأمريكية خبير مصرفي لـ"الثورة": تعافٍ اقتصادي شامل يوم السوريين الجميل...ترامب: ملتزمون بالوقوف إلى جانب سوريا.. الشرع: سنمضي بثقة نحو المستقبل  عصب الحياة في خطر ....  شبح العطش يهدد دمشق وريفها.. والمؤسسة تحذر..درويش لـ"الثورة": 550 ألف م3 حا... أساتذة وطلاب جامعات لـ"الثورة": رفع العقوبات انتصار لإرادة سوريا رحبت برفع العقوبات عن سوريا... القمة الخليجية الأمريكية: صفحة جديدة نحو النمو والازدهار الدكتور الشاهر لـ"الثورة": رفع العقوبات عن سوريا يعكس الثقة بالإدارة الجديدة رفع العقوبات.. الطريق إلى التعافي شركات خاصة لتوزيع الكهرباء..وزير الطاقة : الأمور نحو الأفضل و٦ ملايين م٣ غاز تركي يومياً   بعد رفع العقوبات.. خبراء ورجال أعمال لـ"الثورة": القادم أجمل  لبناء سوريا.. الوقوف صفاً واحداً ويداً...