مشكلة غياب الحليب عن البقاليات.. معامل الألبان والأجبان تستجره كلياً من المباقر والضحية المستهلك!

الثورة – رولا عيسى:
كشف الخبير الاقتصادي وأمين سر جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزة عن قيام بعض شركات تصنيع الألبان والأجبان بإعطاء أسعار جيدة وأعلى من السعر الحقيقي لمربي الأبقار والمزارع التي تعمل على إنتاج الحليب من خلال تربية الأبقار، وذلك لقاء الحصول على ما لديهم من كميات حليب.
حصر الإنتاج بشركة..
وبحسب معلومات مؤكدة تعود لأكثر من مصدر، فإن إحدى الشركات الخاصة لإنتاج الحليب ومشتقاته بدمشق لم تكتف باستجرار كامل كمية الحليب من المباقر والمزارع بريف دمشق، بل تقوم بحصر بيع مادة الحليب من هؤلاء بها.
وجاء على لسان أحد باعة الحليب الذي أخبرنا أنه لم يعد يحصل إلا على كميات زهيدة من مادة الحليب، وأحياناً لا يحصل أبداً بالرغم من أن معيشته ومعيشة عائلته تقوم على بيع الحليب منذ عشرات السنين، إلا أنه يواجه حالياً مشكلة كبيرة في توفير هذه المادة التي امتنعت مزارع تربية الأبقار عن تزويده بها، فالكميات المنتجة تباع بشكل فوري للشركات الخاصة، وتستجر تلك الشركات كامل الكميات وبالسعر الذي يناسب البائع من دون تقدير عدم وصول مادة الحليب إلى البقاليات الصغيرة في الأحياء، وبالتالي حرمان من هو في حاجتها وليس لديه القدرة على شراء عبوات الحليب الغالية الثمن أو حتى الأجبان والألبان المعبأة في تلك الشركات.
ويتساءل أحد أصحاب البقاليات الذي اعتاد على بيع الحليب منذ أكثر من ٤٠ عاماً عما يحصل من عدم قدرته على تأمين هذه المادة في بقاليته، حيث يعمل على استجرار كميات من بائع الحليب الجوال لا تتجاوز أحياناً 5 كغ، وهي في تناقص يوماً بعد يوم ولا تكفي لطلبات المستهلكين في الجوار الذين لديهم أطفالاً صغار بحاجة هذه المادة، كما أن أسعار الحليب المجفف المستورد مرتفعة جداً فظرف صغير لكوب واحد وصل إلى ٤ آلاف ليرة، وعليه يفضل الأهالي شراء الحليب السائل الذي يعتبرونه ضرورياً لصحتهم وصحة أبنائهم بالرغم من غلاء سعره ولو تناولوه مرة في الأسبوع.
متابعة الأمر..
ويقول أمين سر جمعية حماية المستهلك: لابد من متابعة ظاهرة بيع الحليب من المباقر إلى الشركات مباشرة، وحصره بها وضرورة إجراء دراسة بما يتيح مادة الحليب ضمن البقاليات وكذلك الحفاظ على مهنة بائع الحليب الجوال، وهي مهنة قديمة تعتاش عليها الكثير من العائلات، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الألبان والأجبان المعبأة بسبب قيام شركات التصنيع بتصدير ما لديها من إنتاج، وبالتالي يكون العرض أقل من الطلب وبالتالي ارتفاع الأسعار في كل يوم عن اليوم السابق، وهذا ما يستدعي متابعة ما يحصل من الجهات المعنية وإعادة النظر بما تستجره تلك الشركات وتنظيم عمل المباقر بما يتيح للبائعين الحصول على الحليب وبيعه ضمن البقاليات ليحصل عليه المواطن بالسعر المناسب، وحالياً كيلو الحليب ٧ آلاف ليرة، وبالرغم من غلاء سعره على جيب الدخول المحدودة هو غير متوفر، وهنا تزداد المخاوف من استمرار ارتفاع سعره أكثر.
تحذيرات..
رئيس جمعية الألبان والأجبان محي الدين الشعار حذر عبر حديثه مع “الثورة” من ذات الأمر ووجود شركات تستجر الحليب بكميات كبيرة وتعمل على تصدير ما تصنعه مطالباً بوقف تصدير الألبان والأجبان لكبح جماح الأسعار، وإيجاد حل لحصرية البيع للشركات، مشيراً إلى أن مزارع الأبقار وكذلك بائعي الحليب يعملون على بيع منتجاتهم إلى الشركات.
لا قانون يمنع..
مصدر في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق أكد أن تسعير مادة الحليب ومشتقاته يقوم بناء على دراسة الكلفة وإعطاء كلف واقعية من قبل المنتجين وجمعية الألبان والأجبان، ولكن منذ شهرين وأكثر لم تحصل مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق على كلف حقيقية لسعر الحليب ومشتقاته، خاصة بعد ارتفاع سعر الأعلاف ومختلف المستلزمات بالرغم من مطالبة الجمعية بوضع كلفة حقيقية بعد شكاوى من ارتفاع التكاليف، منوها بأنه فيما يتعلق باستجرار إحدى الشركات كامل كميات الحليب من المربين وإعطائها أسعار أعلى بغرض حصر الكميات بهم لا يوجد في القانون ما يمنع المعمل أو الشركة من الاستجرار، فلدى تلك المعامل طاقة إنتاجية معينة والحليب إذا بقي فترة طويلة يتلف، لكن بالإمكان الحد من تصدير منتجاتها بما أنها تتسبب برفع الأسعار محلياً وفي الجانب الآخر ثمة حاجة للتصدير لرفد الخزينة العامة وعليه يجب العمل على رفع طاقة الإنتاج لدى المربين من جهة وترشيد التصدير إلى حد يناسب القدرة الشرائية للمواطن.
ارتفاع أسعار الألبان..
أخيراً..- والكلام للمحرر- ومن خلال متابعة الأسواق والبقاليات وجدنا غيابا تاما للحليب في بعض البقاليات التي كانت توفره بشكل يومي، وتوفر الألبان بسعر ٨ آلاف ليرة لعبوة أقل من كيلو و١٣ ألف ليرة لعبوة أكثر من كيلو بقليل، فيما ناطحت أسعار الأجبان السحاب، فكيلو الجبن البلدي وصل إلى أكثر من ٥٠ ألف ليرة وبقية الأنواع حدث ولا حرج.

دور التدخل الإيجابي..
ومن هنا لابد من اتخاذ إجراءات توفر مادة الحليب ومشتقاته وتسهم في جعلها بمتناول محدودي الدخل نظراً لأهميتها الغذائية، وكذلك رفع القدرة الشرائية للمواطن والحد من عمليات تصدير الألبان والأجبان إن لم يكن إيقافه، وتفعيل دور التدخل الإيجابي في مجال الألبان والأجبان سواء عن طريق منافسة إنتاج الشركة العامة للألبان والأجبان وبيع المنتجات ضمن صالات ومنافذ بيع المؤسسة السورية للتجارة بما يتناسب مع ذوي الدخل المحدود.
التصدير ذو حدين..
ففي حالة ضعف القدرة الشرائية للمواطن يصبح التصدير سيفاً ذي حدين، فهو يسهم في زيادة القطع إلا أنه في الوقت ذاته يتسبب بعدم قدرة المواطن محدود الدخل في الحصول على حاجته من الغذاء.. وأعتقد أن ذلك ينتفي مع الهدف الحقيقي للتصدير، ناهيك عن اتخاذ ما يلزم لرفع وزيادة الإنتاج ومشاريع الاستثمار في مجال الثروة الحيوانية من خلال تأمين مستلزمات عملية الإنتاج ودعمها بشكل صحيح.