د. مازن سليم خضور
مجموعة من النقاط التي يجب الوقوف عندها حول التصريح الخطير الذي أدلى به الوزير اليميني المتطرف في حكومة الاحتلال الإسرائيلي “عيمحاي بن إلياهو” ابن الحاخام اليهودي حول ضرب غزة بالسلاح النووي.
التساؤل والنقطة الأولى التي يجب التنويه إليها وهي اسم الوزارة التي يتسلم شؤونها هذا الوزير المتطرف وهي وزارة “القدس والتراث” الإسرائيلية!
وهل لهذا الكيان اللقيط تراث ؟ أم أن هدف هذه الوزارة طمس التراث الفلسطيني بالقدس والمدن الفلسطينية المحتلة عبر استهداف حضارة عمرها آلاف السنوات وهي من أقدم مراكز الحضارة في العالم القديم، ويوجد فيها الكثير من المعالم ذات الأهمية التاريخية والثقافية والدينية.
الكيان لم يكتف بنكبة الشعب الفلسطيني بتشريد عدد كبير من الشعب الفلسطيني خارج دياره بل سعى إلى ما سمي بالنكبة الحضارية الكبرى التي تجلت بفقدان العديد من الآثار ومعالم التراث ، ويرى بعض الخبراء أن أثاراً تعود لعهود قديمة وحضارات موجوده على الأرض الفلسطينية مهددة هي الأخرى بالتدمير أو السرقة عبر عمليات الاستحواذ والسيطرة على التراث الفلسطيني الثابت والمنقول وتزييف حقيقته برواية توراتية مزعومة تخدم السياسات والدوافع الأيديولوجية الاستيطانية، ولضم مزيد من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
النقطة الثانية من هو هذا الوزير صاحب مقولة ضرب غزة بالنووي ومن أي خلفية عائلية دينية سياسية ينحدر؟
عميحاي إلياهو..”سياسي” إسرائيلي، ينتمي إلى اليمين المتطرف، الذي يبني مواقفه على نظريات وفتاوى دينية متشددة، ويعلن العداء الصريح للعرب والفلسطينيين مثله مثل والده الحاخام شموئيل إلياهو، الحاخام الأكبر لمدينة صفد صاحب أفكاره الدينية المتطرفة.
أيد عميحاي إجراءات نتنياهو بمراجعة قوانين القضاء وقد وصف إلياهو بعض القادة الأمنيين الذين عبروا عن معارضتهم لهذه الإجراءات بأنهم “متمردون”، ودعا لمعاقبتهم.
وردا على سؤال عن مصير الإسرائيليين الذي أصبحوا بيد المقاومة الفلسطينية في حال قصفت إسرائيل غزة بقنبلة نووية، قال إلياهو “هناك ثمن للحرب يجب أداؤه”.
وكان قد علق على قصف غزة والدمار الهائل بها بقوله “المنطقة أصبحت أجمل من ذي قبل”!
أفتى والد عميحاي شموئيل إلياهو بحرمة تأجير البيوت والأراضي أو بيعها للعرب وقال عن الزلزال المزدوج الذي ضرب سورية وتركيا في شباط 2023 إنه “عدالة إلهية”!
من هنا نرى الخلفية العائلية والدينية والسياسية لهذا المتطرف.
النقطة الثالثة في هذا التصريح هو ما أشارت إليه وزارة الخارجية السورية في بيانها بالقول “هذه التصريحات تؤكد على ما دأبت إسرائيل على إخفائه حول حقيقة امتلاكها لهذا السلاح خارج أنظمة الرقابة الدولية بدعم من حلفائها في الإدارة الأمريكية والغرب الاستعماري، الأمر الذي يشكل تهديداً جدياً للأمن والاستقرار وحياة شعوب المنطقة”.
ودعت الخارجية المجتمع الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى اتخاذ كل الإجراءات والاضطلاع بمسؤولياتها للكشف عن “البرنامج النووي الإسرائيلي وإخضاع هذا الكيان المارق إلى برنامج الضمانات الشاملة وأنظمة الرقابة على المنشآت والبرامج النووية”.
في الختام حماية التراث والتاريخ ليست مجرد حالة يفرضها ترف الواقع الاجتماعي و استقراره، هي أكثر من ذلك بكثير، فيها من الأهمية ما يوازي حماية التاريخ والحاضر والمستقبل معاً، لأن اندثار التراث يعني زوال حضارات تعاقبت على أيّ مجتمع من المجتمعات وهو ما يسعى إليه الكيان اللقيط عبر استحداث وزارة لتراثه غير الموجود وتزييف التاريخ والتراث الحقيقي للشعب الفلسطيني صاحب الأرض والتاريخ ومن هنا نفهم تصريحات ذاك الوزير المتطرف.