الثورة – مازن جلال خير بك:
اعتبر مصرف سورية المركزي أن الحاجة تظهر في سورية إلى إعادة هيكلة النفقات والإيرادات بما يعزز معدلات النمو الاقتصادي.
الإنفاق وتنويع الإيرادات
وبحسب المركزي في دراسة له حول “السياسة المالية والنمو الاقتصادي” فإن الحاجة تظهر في سورية، كذلك للتركيز على جانبين أساسيين، أولهما: الإنفاق الذي يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وبالشكل الذي ينعكس على النمو الاقتصادي بشكل إيجابي (أي التركيز على الإنفاق المجدي إنتاجيا بما يضمن التواؤم بين مخرجات الإنتاج ومدخلات النمو الاقتصادي واحتياجاته)، أما الجانب الثاني، فهو تنويع الإيرادات وعدم الاكتفاء بالإيرادات الضريبية مع تحديد الحجم الأمثل للإيرادات الحكومية، لافتاً إلى أن العلاقة بين بنود الموازنة العامة للدولة من جهة ومعدل النمو الاقتصادي من جهة أخرى توصف بأنها علاقة غير خطية.
تحقيق النمو الاقتصادي
المركزي وفي دراسته أوضح أن السياسة المالية تركز على إدارة كل من الإيرادات والنفقات والديون الممنوحة لتغطية العجز في الموازنة العامة للدولة، وذلك بهدف تحقيق الهدف النهائي المتمثل في زيادة النمو الاقتصادي، مبيناً أن أثر أدوات السياسة المالية يختلف في النمو الاقتصادي بحسب طبيعة الاقتصاد، لجهة كونه ناشئاً أم نامياً أو متقدماً، إضافة إلى اختلاف هيكل النفقات والإيرادات ومصادر تمويل العجز في الموازنة العامة للدولة.
وفي هذا السياق فصّل المركزي وجهة نظره بأن توجيه معظم النفقات نحو النفقات الجارية يقلل من معدلات النمو الاقتصادي، كونه يعتبر غير منتج، كما أن ارتفاع الإيرادات الضريبية قد يؤدي إلى ارتفاع في المستوى العام للأسعار، مؤديا إلى ارتفاع معدلات التضخم والذي ينعكس بشكل سلبي على النمو الاقتصادي.
نموذج أسيوي
دراسة صادرة عن بنك التنمية الأسيوي بعنوان “السياسة المالية والنمو الاقتصادي في آسيا” أوردها المركزي ضمن دراسته، أشار إلى أنها هدفت إلى دراسة أثر هيكل الإيرادات (الضريبية منها وغير الضريبية على حد سواء)، والنفقات العامة (المصنفة حسب الجهة صاحبة الإنفاق) على معدلات النمو الاقتصادي في عينة من الدول مثل الهند والصين، مبيناً أنها قد خلصت إلى أن عجز البنية التحتية وبيئة الاستثمار غير المشجعة في الهند، قد قلل من اثر السياسة المالية على النمو الاقتصادي.
أثر الإيرادات الضريبية
وبتحليل أثر الإيرادات الضريبية على النمو الاقتصادي فقد تبين (وفقا لدراسة السياسة المالية والنمو الاقتصادي في آسيا الصادرة عن بنك التنمية الأسيوي) وجود أثر متباين لكل نوع من الإيرادات الضريبية على النمو الاقتصادي، الأمر الذي يتطلب توسيع القاعدة الضريبية من جهة والاعتماد على إيرادات أخرى من غير الضرائب من جهة ثانية.
أما على مستوى أثر الإنفاق العام على النمو الاقتصادي فقد تبين أن الإنفاق على التعليم يزيد من إنتاجية العمالة ويؤدي إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادي في البلاد الأسيوية.
تجربة مشابهة
تجدر الإشارة إلى أن الجزائر والعراق ومصر وليبيا قد ناقشت هذه الرؤى، كما قدمت الأمم المتحدة دراسة حول سياسات الاقتصاد الكلي والنمو في المنطقة العربية، ولعل تجربة الجزائر هي الأغنى في هذا المجال، حيث قدمت العديد من الدراسات الغنية بطرائق تحليلها، ولعل أبرزها في هذا المجال الدراسة الخاصة بتأثير أدوات السياسة المالية على النمو الاقتصادي على شكل مقاربة قياسية للعلاقة بين أدوات السياسة المالية والنمو الاقتصادي في حالة الاقتصاد الجزائري”، والتي هدفت إلى تحليل أثر مختلف متغيرات السياسة المالية على النمو الاقتصادي.
فقد تمت دراسة الموضوع باستخدام دراسة قياسية بتقدير الانحدار المتعدد، بحيث تم في كل مرة إدراج أداة واحدة من أدوات السياسة المالية مع ملاحظة كيفية تأثيرها على النمو الاقتصادي بالجزائر، وقد تلخصت النتائج الرئيسية للدراسة بأن الإنفاق الحكومي والإيرادات الكلية لها تأثير إيجابي ومعنوي على النمو الناتج الداخلي الإجمالي، بينما الضرائب الحقيقية المباشرة وغير مباشرة تؤثر سلبا في هذا الناتج.