الثورة – دمشق – علاء الدين محمد:
إذا أردنا أن نعرف كيف يصاغ القرار في منظمة الأمم المتحدة يجب علينا أن نعرف ما هي هذه المنظمة وما أهدافها، ولكي نعرف ماهية منظمة الأمم المتحدة، وكيف نشأت، يجب علينا أن نعرف ما هي عصبة الأمم، وما الأسباب التي دعت إلى التفكير في هكذا منظمات، بالتالي لا يمكن لأي دولة مهما كانت إمكاناتها الاقتصادية قوية، أن تدعي الاكتفاء الذاتي، وأن سوء علاقة تلك الدولة مع الدول أو دولة أخرى سيكون له مضاعفات كثيرة وسلبية على مصالحها.
حول هذا الموضوع قدم الخبير القضائي بشار عبد القادر محاضرة في ثقافي المزة، تحت عنوان (دور منظمة الأمم المتحدة في صناعة القرار)، مبيناً أن التفكير الجدي بإنشاء هكذا منظمة هو الحرب العالمية الأولى، وأن عصبة الأمم كانت ثمرتها، ومنظمة الأمم المتحدة ثمرة الحرب العالمية الثانية.
إذ بدأت الأصول المباشرة لمنظمة عصبة الأمم من خلال مشروعات فردية وأخرى حكومية ظهرت خلال قيام الحرب العالمية الأولى، وكان لعصبة الأمم أعضاء أصيلون، فهم يمثلون الدول الحليفة التي وقعت على معاهدة فرساي وهم 32 دولة، وكان هناك أعضاء مدعوون وهم الدول المحايدة مثل إسبانيا وسويسرا وأمريكا اللاتينية، وكان هناك منضمون ومنتخبون هم الذين تقبلهم الجمعية العامة لعصبة الأمم بناء على طلب الانضمام إليها.
وبين المحاضر كيف فشلت الجمعية العامة لعصبة الأمم لأسباب كثيرة نذكر منها: عدم انضمام الدول الكبرى، حيث لم تدع روسيا السوفييتية القوية لقبول انضمامها، وابتعاد العصبة عن مبادئ العدالة في حلولها، إضافة لانعدام الإرادة، وبعد فشلها كان لابد لحل جديد يضمن السلم العالمي.
وهنا كان التفكير بمنظمة الأمم المتحدة كمنظمة ذات طابع عالمي، فقد نشأ ميثاق الأمم المتحدة الذي صدر عن الرئيس الأمريكي روزفيلد ورئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل عام 1941.
وتابع القاضي بشار القادر إن من أهداف الأمم المتحدة المحافظة على السلم والأمن الدوليين، وجاء هذا الهدف ضمن الفصل السابع الذي يجيز لمجلس الأمن اتخاذ تدابير من أجل حفظ السلام والأمن الدوليين تصل إلى درجه التدخل العسكري، إضافة إلى تسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية، جاء ذلك بالفصل السادس والرابع عشر.
وأشار إلى أن التصويت يتم في مجلس الأمن على أي قرار بموافقة تسعة أعضاء على الأقل، من بينهم الأعضاء الخمسة الدائمون، وهذا يعني أن أي مخالفة من أي من الأعضاء الدائمين تعتبر رفضاً لمشروع القرار، وبالتالي يجب على العضو في مجلس الأمن أن يمتنع عن التصويت إذا كان طرفاً في النزاع.
وتوقف المحاضر مطولاً عند أجهزة الأمم المتحدة، الجمعية العامة، مجلس الأمن المجلس الاقتصادي، والاجتماعي، مجلس الوصاية، محكمة العدل الدولية، الأمانة العامة.
فيما الأعضاء الدائمون هم الصين، روسيا، بريطانيا، أمريكا، فرنسا، والأعضاء غير الدائمين منتخبون من قبل الجمعية العامة لمدة عامين وموزعين بشكل جغرافي.
وتحدث عن سورية بين عصبة الأمم ومنظمة الأمم.. مشيراً إلى أنها رحلة بحث شاقة عن منظمة دولية غايتها حفظ الأمن والسلام الدوليين، وبين سياسة متكاملة من استراتيجية تحكم العالم وسياساته، وتقوم على إنهاء الحروب وعلى حق تقرير المصير للشعوب الخاضعة للاحتلال الأجنبي.
كانت سورية تبحث عن منظمة سياسية واقعية بعيدة عن المثالية، لكن القدر قال كلمته الفصل في معرض الصراع بين الحرب والسلام، من حيث تغيب سلطة قوة القانون، ولو بشكل نسبي، وفعلاً لم يكن التطبيق العلمي لسلطة قوة القانون ناجحاً في معالجة القضايا الدولية والإنسانية والسياسية، وتغيير المناخ والتنمية المستدامة ومكافحة الإرهاب ووقف التصحر والأمن الغذائي.
لكن هناك أطرافاً من الأمم المتحدة حاولت النيل منها، وتحويلها إلى شهيدة في منظمة كانت من مؤسسيها، والمحزن أن سورية في عصبة الأمم كانت مسلوبة الإرادة والاستقلال على الرغم من حضورها مؤتمر زومين في الحرب العالمية الأولى كونها كانت جزءاً محتلاً من قبل الاستعمار العثماني، التي تمثلت باتفاق سايكس بيكو الذي فيه تم افتراسها مع كامل المشرق العربي من قبل فرنسا وبريطانيا عام 1919.
والمحزن أكثر حيث جرى تقسيم أراضي سورية بالاتفاق مع تركيا وهي تحت الاحتلال الفرنسي، وفي هذه المعاهدة اقتطعت فرنسا بموجبها أراضي من سورية تعادل مساحتها الحالية وتنازلت عنها لتركيا.