نقص شديد في دخلنا يومياً وشهرياً وسنوياً إلى آخر التصنيفات الوقتية والزمنية، وهو نقص ليس ناجم عن كسل رب الأسرة بحال من الأحوال، بل ناجم عن ضيق شديد في فرص العمل والمداخيل المدفوعة والتي يذهب معظمها – في حال توفرها – آجار طرقات ليس أكثر.
لعل المشكلة في نكوص القطاع الخاص عن النهوض بمسؤولياته في تأمين جبهات العمل للأيدي العاملة من حرفية ومهنية وإدارية بل حتى للكفاءات الإدارية والفكرية، هو محدودية الإمكانية، في وقت يبحث فيه القطاع الخاص ولو بضوء الشمع على كل التسهيلات والإعفاءات والمزايا التي يرى أنها حق طبيعي له، ناهيك عن مسائل أخرى لا يتسع المقام للحديث عنها.
لعل العذر القائم على أن محدودية عمل القطاع الخاص لا تتيح له تأمين فرص العمل هو عذر حقيقي، ظاهراً، ووهمي باطناً، تبعاً لأن نسبة لا تذكر من العمالة تجد لنفسها فرصة في القطاع الخاص، في الوقت الذي تتسع فيه الأعمال وتتشعب وتؤمن ثروات خيالية لم يكن رب العمل نفسه يحلم بها في حياته، وهي ملاءة مالية تمكّن الخاص بكلّيّته من النهوض بواجبه في تأمين فرص العمل للأيدي العاملة في البلاد.
أما المقابل لذلك فهو النزيف الهائل في الكفاءات السورية والتي باتت تدفع “دم قلبها” للخروج من البلاد والهجرة بحثاً عن فرصة عمل تؤمن حياة كريمة للأسرة، وتضمن إشباع الحاجات الضرورية – لا الكمالية – إنفاقاً كنتيجة طبيعية لانعدام القيمة الشرائية للدخل في القطاعين سوية من عام وخاص، ولكن مهما كان رافد العمل الخاص هزيلاً يمكن له أن يضمن ناحية إنفاقية للأسرة.
كما كان حال الحسم الضريبي الديناميكي في مرحلة ما قبل الحرب على سورية، يمكن لوزارة المالية تقديم ذات الحسم على كل فرصة عمل أو مجموعة فرص عمل تقدمها جهات الخاص للمواطن، طبعاً مع توثيقها في التأمينات الاجتماعية حتى لا تكون ورقة الاستقالة “على ظهر” عقد العمل كدأب الجهات المشغّلة في الغالب الأعمّ من الحالات.
أما عن تراجع الإيرادات الضريبية نتيجة ذلك، فهي ولا شك ستتراجع بمقدار غير محسوس، ولكنها ستعفي الخزينة ووزارة المالية من نفقات هائلة تعلنها في كل مرة في الأحاديث حول تكلفة الدعم وما تتكبده المالية من نفقات، كون المواطن سينفق من دخله الجديد ويضمن دوران عجلة الإنتاج بشكل أكثر سرعة من قبل وبالتالي المزيد من الإنتاج والمزيد من الإنفاق.. وهي بالمناسبة ألف باء دورة رأس المال.