الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
قبل عام واحد فقط، توصل زعماء الصين والولايات المتحدة في بالي بإندونيسيا إلى الإجماع على العمل لتحسين العلاقات الثنائية التي تراجعت في السنوات الأخيرة وأصبحت أكثر توتراً وتعقيداً. ومع ذلك، منذ ذلك الحين، لم توقف الولايات المتحدة جهودها لاحتواء الصين، بل قامت بتكثيفها، إلى الحد الذي وصلت فيه العلاقات الصينية الأمريكية مرة أخرى إلى نقطة خطيرة خرجت عن نطاق السيطرة.
وتستند الشكوك حول تحسن العلاقة في الأساس إلى العديد من الحقائق التي تشير إلى أن الرئيس الأمريكي الحالي لم يعد يمتلك القيادة اللازمة لدمج مجموعات المصالح المختلفة في الولايات المتحدة كما كان يفعل في الماضي.
وعلى الرغم من أنه قد يكون لديه مثل هذه الرغبة، إلا أن المناخ السياسي الحالي وآليات العمل في الولايات المتحدة تحد من قدرته، فهو لا يستطيع الهروب من القيود التي تفرضها مختلف الأحزاب، كما أن الثقة في كلماته تعتمد على ما إذا كان قادراً على الحصول على الدعم الكامل من الكونغرس الأميركي.
وبسبب تأثير الصراعات السياسية الحزبية، لا تستطيع واشنطن في بعض الأحيان أن تفعل ما تريد، بل تضطر إلى التنازل من خلال تبادل المصالح، ما يؤدي إلى تشويه السياسات القائمة، وهو أمر ليس مستغرباً في السياسة الأمريكية.
إن الولايات المتحدة تمر حالياً بفترة متوترة وحساسة قبل الانتخابات، ويمارس كل من الجمهوريين في الكونغرس والمرشحين داخل الحزب الديمقراطي الضغوط على القضايا المتعلقة بالصين. وقد يستمرون في اتخاذ تدابير لقمع الصين واحتوائها، والإدارات الحكومية لا تزال تنفذ سياسات تنظر إلى الصين باعتبارها المنافس الرئيسي للولايات المتحدة.
إن الحزبين في الولايات المتحدة متفقان إلى حد كبير في سياساتهما تجاه الصين. علاوة على ذلك، سواء جاءت السياسات من الرأي العام أو الكونغرس، فإن الوضع الآن مختلف عن التحسنين الرئيسيين في العلاقات الصينية الأمريكية، أحدهما بعد أواخر السبعينيات والآخر بعد حادثة الحادي عشر من أيلول في عام 2001. ولا يمكن لمستقبل العلاقات الصينية الأمريكية أن يمضي قدماً إلا في ظل مثل هذا المناخ السياسي المتقلب.
وهناك حالة أخرى من عدم اليقين تتمثل في الانتخابات الأمريكية المقرر إجراؤها في العام المقبل، وإذا تولى رئيس جديد منصبه، فهل سيواصل سياسة الصين التي أرساها بايدن؟ وبشكل خاص، إذا عاد دونالد ترامب إلى المكتب البيضاوي، فهل ستنقلب هذه الإجماعات؟.
ومؤخراً، صاغ الباحث الأمريكي الشهير جوزيف ناي مصطلحاً جديداً وهو “التعايش التنافسي”، لوصف العلاقات الصينية الأمريكية. ولا يسعنا إلا أن نعجب بقدرة العلماء الأميركيين على الإتيان بأفكار جديدة ومبتكرة، ولكن هذا المفهوم الجديد لا يمكن أن يخفي التناقضات والصراعات بين المنافسة والتعايش. فعندما يتم تنفيذ تدابير تنافسية مختلفة، كتلك التي تتخذها الولايات المتحدة حالياً ضد الصين، كيف يمكن تحقيق التعايش؟ ولذلك فإن هذا البيان في حد ذاته يوحي بعدم اليقين.
وفي نهاية المطاف، كل هذه الأمور مرتبطة بالسياسة الأمريكية، لقد تم بالفعل توضيح اتجاه العلاقات الصينية الأمريكية فيما يتعلق بالجهود المبذولة لتخفيف العلاقات واستقرارها واستعادتها. ونأمل أن يتوقف عن السقوط ويستقر، لا أن يتراجع أو يستمر في الانحدار. كما أن استمرار العلاقات الصينية الأمريكية في الاستقرار هو أيضاً التوقع المشترك للعالم.
ونعتقد أن المستقبل سيكون فترة بالغة الأهمية لمراقبة عملية صنع القرار والقيادة والبصيرة في كل من الصين والولايات المتحدة. في هذه المرحلة، واستناداً إلى الخبرة السابقة وواقع السياسة الأميركية، تواجه واشنطن التحدي المتمثل في بيئة سياسية أكثر تعقيداً وحالة كبيرة من عدم اليقين.
ليس لدينا خيار آخر سوى السعي نحو الاتجاه الأفضل، ولكن في الوقت نفسه، يجب علينا أيضاً أن نكون مستعدين للأزمات والتناقضات المحتملة.
المصدر – غلوبال تايمز