أرجوان الحبر من سورية الى فلسطين

الملحق الثقافي- د. ثائر زين الدين:
الكلمة فعل قبل أن تكون مفردة ( كن فيكون) وهي ليست سطوراً في كتاب بل دم وشعور من شرايين القلب يهرق على مذابح الحياة ومن أجلها.
ومن أجل فلسطين كل فلسطين كان الإبداع وكان هذا الشعر وطوفانه منذ أن كانت القضية.
اليوم نستعيد ألق الحروف التي تعطرت بانتصارات شعبنا العربي ..
في حرب تشرين التحريرية خاطب نزار قباني المبدعين العرب قائلاً : اكتبوا فإن لم تكتبوا اليوم فلن تكتبوا بعدها.
في هذا الملف نبض إبداع وأرجوان الحبر العربي انطلق ليأخذ من سورية مداه ..ليتعطر بشموخ الفداء ليكون وردة من دمنا إلى فلسطين.
شكرًا لكل كلمة وكل موقف، شكرًا من دمشق، وكما قال نجيب جمال الدين … قد تكذب الشمــــس في صبحٍ إذا وعدتْ
وتصدق الشــــــام في صبحين إذ تعدُ
والشـــــام تبقى بأفق الشعر كوكبه
والشاهدونَ، أنا والعُتقُ والجُــــددُ
والشــــــــام تبقى وردَّ الله أعينهمْ
دار الصمود وتبلى عينه الحســــــدُ
إن الصمود هنا في الشـــام حيث هنا
باب السمــــــاء بباب القدس منعقدُ
هنا نقول بأنا صامـــــــــدون هنا
ويشهـــد الدَّم .. والأحرار قد شهدوا

                                             مشاهد فلسطينيّة (2001-2023)

مشهد (1)
طفلةٌ بعثرتِ الأقلامَ والأوراقَ
فوقَ الطاولةْ،
ومضتْ ترسُمُ بيتناً وغديرْ.
لعبةٌ ترقبُ غيرى،
وصغيرٌ غارقٌ في عبقِ الأمِّ
وغافٍ كأميرْ.
جدةٌ تصنعُ أطباقاً من القشِّ الملونْ،
وأبٌ رافقَ حتى مَدخلِ الدارِ ضيوفَهْ
هكذا يبدو لي المشهَدُ؛
لو لم تكسِرِ السقفَ القذيفةْ.
مشهد (2)
كلما أخرجُ من بيتي إلى مدرسةِ الحارةِ
تأتي الطائراتْ
كلما تخرجُ أمّي باتجاه النبعِ
تأتي الطائراتْ
كلما أشعلتِ التنّورَ عند الفجرِ
تأتي الطائراتْ
كلّما هَزّ أبي زيتونةً في الحقلِ
تأتي الطائراتْ
كلّما بسملتِ الجدّةُ
تأتي الطائراتْ
……………..
لم أعدْ أذهبُ للدرسِ وأميّ لم تعدْ تخرُجُ أو تخبزُ عندَ الفجرِ
والجدّةُ غابت في ظلامِ القبرِ
والزيتونُ ماتْ
وإلى الساعةِ لا زالتْ
تجيءُ الطائراتْ!
19 / 9 / 2001
مشهد ( 3 )
إلى الطفل الشهيد فارس عودة
– لن تمرّوا !
يصرخُ الطفلُ الذي يعترضُ الدبّابةَ الخرقاءَ
مزهوّاً، ويلقي بينَ فكيّها
حَجَرْ.
– لن تمروا!
تهمسُ الأمُّ التي تطبَعُ
فوقَ الجبهةِ السمراءِ للطفلِ
قمرْ
– لن تمرّوا!
تعصفُ الريحُ
وترتجُّ سماءُ القُدسِ بالرعدِ
وينثالُ
المطرْ
– لن تمرّوا!
فكّرَ الأقصى، وقد آنَسَ أطيافاً
تنادَتْ حولَهُ
ورأى في الناسِ وجهاً لصلاحٍ
ورأى في الناسِ وجهاً
لعمرْ.
2 / 10 / 2001
مشهد ( 4 )
المرأة القاسيةُ الملامِحْ
المرأةُ التي تدورُ – مِثلَ هرةٍ محبوسةٍ –
من مشرقِ الشمسِ إلى مغرِبِها،
وقد تنامُ تحتَ تينةٍ
أو قُربَ « صُبَّةِ « القمحِ على البيدرِ
لا تشغَلُها الباراتُ والمسارحْ.
المرأةُ التي حَمَتْ من مخلبِ الجرّافِةِ العمياءِ
حقلَ زوجهِا،
وجندلت مستوطناً تسلّقَ السياجْ.
المرأةُ التي تظنُّ كومةً من حطبٍ
تئنُّ في زاوية الغرفةِ
زوجاً عائداً،
المرأةُ التي انتضتْ معولَهَا،
تحتَ هدير الطائِرِ الفولاذِ،
دفّنتْ وحيدها،
ومسَّحتْ عن خَدِّها
خيطاً حزيناً
كالِحاً
ومالحْ،
مضت إلى معسكر الجنودِ
مثلَ هامةٍ؛
وخبّأتْ تحتَ جناحيها حِزاماً ناسِفاً
وأخفت الصاعِقَ
في الجوانحْ!
3 / 9 / 2001
مشهد ( 5)
المروحياتُ التي تحبُ تغيرَ
عند الصُبحْ؛
فتدرِك النساءَ
قبلَ أنْ يفرغنَ من قهوتهنَّ،
تدركَ الأطفالَ
في الدربِ إلى المدارسْ،
المروحياتُ التي تبدو كَنَملٍ طائرٍ،
يعكّرُ الزرقةَ فوقَ قبّةِ الصخرةِ
والكنائسْ،
المروحيّاتُ التي تحبُّ أن تغيرَ ليلاً؛
تدهَمُ الثوّارَ في أحلامِهمْ،
وتفجأ العاشِقَ في لحظةِ بوحْ!
ترجعُ من رحلتهِا حزينةً!!
تنّظفُ الدخانَ عن فولاذِها
وتمسَحُ الدماءَ عن زجاجهِا
وترتدي وجهاً حياديّاً
وسمحْ!
23 / 10 / 2001
مشهد ( 6 )
بين أنقاضِ منزلها جلستْ تتأمّلُ
معنى انقلاب الحياةِ إلى ضدِّها،
معنى أن يغلّق الأهلُ أبوابهم عن صياحِ بنيها
ومعنى انشغالِ ملوكِ الطوائفِ
بالترهاتِ
و» جيشُ الدفاعِ «
يُذرّي حدائقَ غرناطةٍ ومعابدها
في الهواءْ!
بينَ أنقاضِ منزلهِا تمتمتْ:
– وهي تمسحُ دمعتها؛ وتحدّق في أفقٍ أسودٍ –
« باكراً سوف يأتي الشتاءْ «
وراحتْ تجمّعُ ما ليسَ يُجمّعُ؛
أشلاء إيمانِها
صورَ الأهلِ والشهداءِ
دفاتِرَ صبيتها…
مِزقاً تتوّهجُ من غابرِ الذكرياتْ
بين أنقاضِ منزلها حَشْرِجتْ،
وهي ترفَعُ زندينِ من حَطبٍ:
« ليسَ فوقَ بسيطتِكَ الآنَ يا ربُّ
ما يستحقُّ الحياةْ «.
9 / 3 / 2002
مشهد (7)
لأجلي أنا كلُّ هذي السفائنِ…
هذي البوارجِ…
حاملة الطائراتِ…
وهذي الصواريخ تسقط ُ فوق الكنائسِ… فوق المدارسِ…
فوقَ ابتهالِ الصغارْ؟!
لأجلي أنا تملأُ الأفقَ أسرابُ أغربةٍ من حديدٍ ونارْ!؟
لأجلي أنا جَنَّدوا كلَّ شذّاذِ أفقٍ…!؟
إذن آن أغمضَ الآن عينيَ تحت ركامِ المدينةِ…
أغفو فخوراً ….سعيداً… وأبصرُ أهليَ… فتيانَ حيي عمالقةً يخرجونَ من الأرضِ،
من فوّهاتِ الترابِ، كما يخرجُ الغصنُ من جذرِ زيتونةٍ…
مثلما تخرجُ الأدعياتُ من القلبِ…
آن إذن أن أنامَ فقد أوشكَ الفجرُ يبزغُ…
أوشكَ ضوءُ النهارْ…
14 / 11/ 2023

                            

العدد 1168 –  23-11-2023   

آخر الأخبار
المستقبل يصنعه من يجرؤ على التغيير .. هل تقدر الحكومة على تلبية تطلعات المواطن؟ الخارجية تُشيد بقرار إعادة عضوية سوريا لـ "الاتحاد من أجل المتوسط" فرق تطوعية ومبادرات فردية وحملة "نساء لأجل الأرض" إلى جانب رجال الدفاع المدني 1750 طناً كمية القمح المورد لفرع إكثارالبذار في دير الزور.. العملية مستمرة الأدوية المهربة تنافس الوطنية بطرطوس ومعظمها مجهولة المصدر!.  السيطرة الكاملة على حريق "شير صحاب" رغم الألغام ومخلفات الحرب    بين النار والتضاريس... رجال الدفاع المدني يخوضون معركتهم بصمت وقلوبهم على الغابة    تيزيني: غرف الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة كانت تعمل كصناديق بريد      تعزيز التعاون في تأهيل السائقين مع الإمارات بورشة عمل افتراضية     الإبداع السوري .. في"فعالية أمل" ريف اللاذقية الشمالي يشتعل مجدداً وسط صعوبات متزايدة وزير الطاقة: معرض سوريا الدولي للبترول منصة لتعزيز التعاون وتبادل الرؤى بطولات الدفاع المدني .. نضال لا يعرف التراجع في وجه الكوارث والنيران  وزير الطاقة يفتتح "سيربترو 2025"  وزير الطوارئ يتفقد مواقع الحرائق ويشيد بجهود الفرق الميدانية   500 سلة إغاثية لمتضرري الحرائق باللاذقية  السويداء على فوهة البندقية.. سلاح بلا رقيب ومجتمع في خطر  دمشق وأبو ظبي  .. مسار ناضج من التعاون الثنائي الحرائق تتمدد نحو محمية غابات الفرنلق.. وفرق الإطفاء تبذل جهوداً جبارة لإخمادها امتحانات البكالوريا بين فخ التوقعات والاجتهاد الحقيقي