الملحق الثقافي- رفاه الدروبي:
هل يقتصر دور المثقفين والمبدعين على فضح العدوان وتعرية جرائمه بحقِّ الشعب العربي الفلسطيني وشعوب العالم؟
الكاتبة شذا نصار رأت بأنَّ المرحلة الراهنة من تاريخ الأمة العربية الحديث دقيقة، حيث يقف المواطن العربي بين الحيرة واليقين.. تتجاذبه محاور تشكَّلت على مدى عقود تحت تأثير خيبات أمل من نكبات محبطة وانتصارات مُجْهضَة.
وجدَّدت تأكيدها بأنَّ الإجماع على العداء للاستعمار كان بكلِّ أشكاله مفروغاً منه، بل وشعار مرحلة التحرُّر من نيره لدى كل الدول العربية والنامية في العالم، واعتبرت القضية الفلسطينية منذ نشأة «الكيان الصهيوني» القضية المركزية للعالم الحر والإسلامي والعربي على وجه الخصوص.
لكن مع تراكم الأحداث المؤلمة، ازداد إحباط المواطن العربي، واستطاع اليأس التسلُّل إلى مَنْ ضعفت نفوسهم، وخابت آمالهم، واعتقدوا لوهلة ما أنَّ السلام مع العدو السبيل الوحيد للراحة والاستقرار ودخل «التطبيع» مُقنَّعاً بوجه زائف للسلام المرجو، وكاد يسيطر على عقل المترفين من العرب، ممَّنْ رأوا ألَّا طائل من هدر الوقت في نضال لم يُثمر بدلاً من التمتُّع بثروات تسعدهم حتى آخر العمر، يُضاف إليهم من ألهاه الركض وراء رغيف الخبز عن التفكير في أي بوصلة لا توصله إلى الفرن وإلى أفواه أبنائه، حتى كادت القضية المركزية توضع في ملف الذكريات الأليمة على رفوف بعض الدول والأفراد.
أتانا طوفان الأقصى ببطولة نادرة لم نشهد مثلها كي ينتشل القضية الفلسطينية من الرفوف المركونة، ويضعها أمام وجوه العالم سافرة واضحة لتكشف عورات «العدو، والمطبّعين، والمتخاذلين» من العالم الحرِّ كلِّه.
ثم تابعت حديثها مُبيِّنةً بأنَّ واجب المثقفين والمبدعين العرب لايقتصر على التنديد، أو الخطابة، أوالكتابة في الإعلام المقيَّد بالمساحة والمكان لأنَّنا بالنتيجة خاسرون في المعركة الإعلامية لعدم توفُّر المنابر الإعلامية الخارجية تحت أيدينا.. لانمتلك الأقمار الصناعية للبث نحن وحلفاؤنا ولا فضائيات تخدم قضيتنا وضمن إمكاناتنا المحدودة، هناك عمل مهم وضروري يستدعي توعية الأجيال الشابة على تاريخ العلاقة الحقيقية بيننا وبين «العدو» وبالغوص في كتب التاريخ والوثائق تثبت صحة القضية الفلسطينية، ومن ثم تلخيص أفكارها وواقعيتها وبثها للشباب و الأجيال الواعدة، تحصيناً لهم من الانزلاق إلى هاوية «التطبيع» شهدنا أمثلته في اتفاقية «كامب ديفيد وتوابعها، وفي أوسلو و جرايرها»؛ والتركيز مثلاً على كتب شرحت عن العرب واليهود في التاريخ لأحمد سوسة، وكتب عبد الوهاب المسيري عن العرب و»الصهيونية»، وتفسير إمكانيَّة السلام العادل والشامل في المنطقة والمعتمدة على حدود متعارف بها بين الدول؛ لا أن تبقى مجهولة تابعة لأهواء السابحين في أجواء توراتية بين الفرات والنيل.
بينما أوضحت بأنَّ المثقف عليه تقديم المعلومة بجرأة وبعلم ليمنع المغامرين من تصديق «العدو»، والسير في مخططه، وعليه كشف مخططات يسير وفقها المحتلّ ببطء وندفع ثمنها من دماء أطفال أبرياء يستحقون العيش بكرامة، مطالبةً بأن يكون منبرنا الإعلامي للإنسان في الغرب والشرق بعد أن نُرسِّخه في فكر أبنائنا.
العدد 1170 – 5 -12 -2023