الثورة – غصون سليمان:
تعددت الحاجات والدافع واحد، رعاية وعناية لمن باتوا مزروعين بالأمل على حواف العمر، ينثرون الحكايا والوجع لذواتهم التي يضمرونها في الأعماق، إلى أن يورق العطف وتزهر العطايا حين تتوفر الأساليب والخبرات والتجارب المناسبة لمن هم بحاجة إلى العون والمساعدة، وفي مقدمتهم كبار السن.
من هنا تأتي أهمية تجربة المهندس يامن داود لتكون بلسماً من خلال مركز “بلسم كير” للعناية الاجتماعية الذي شارك بملتقى فرص العمل للتوظيف والتدريب، إذ يلبي المركز احتياجات أفراد الأسرة كافة، بدءاً من تأمين مرافقين مؤهلين ومدربين للعناية بكبار السن، وتأمين جليسات أطفال خبيرات، ومدبرات منازل ماهرات، ودعم استشارات نفسية.
داود بين في حديث لـ “الثورة” أن فكرة الرعاية بدأت منذ عامين بهدف إبقاء كبير السن في المنزل على أن تقدم جميع حاجاته داخل منزله الذي يألفه، كي لا يضطر للخروج قسراً، مشبهاً خروجه هذا باقتلاع الجذر من التربة، مؤكداً أن الخدمة مهما كانت مرهفة وحديثة وجميلة إلا أن انعكاسها الإيجابي هو داخل المنزل وليس خارجه، لأن التعلق بالمنزل أمر في غاية الأهمية من الناحية النفسية.
وأشار المهندس داود إلى تبعات ظروف الحرب العدوانية على بلدنا وما خلفته من هجرة قاسية لبعض الأبناء لتأمين متطلبات حياتية مختلفة وترك العديد من كبار السن لمصيرهم يواجهون الوحدة وغياب الأنس.
هذه الصورة ولدت الرغبة لضرورة الالتفات إلى هذه الشريحة وحالتها لمن يقدم لهم الخدمات التي فقدوها مع غياب أبنائهم.
وذكر أيضاً كيف أن الأبناء الذين هاجروا واستقروا في دول أوروبية استفادوا من خبرات العناية بخدمات هذه الشريحة، فكانوا يطلبون نفس الخدمات الموجودة في تلك البلدان لأهاليهم في الداخل.
عقود منظمة
داود بين أن المركز يؤمن مقدمي رعاية لهذه الشريحة بطريقة جيدة واحترافية،
معتمداً في البداية على الأشخاص الذين استفادوا من الدورات التدريبية التي أقامتها وتقيمها مؤسسات الآغا خان للعناية بكبار السن في العديد من المحافظات.
وهذه الكوادر المنظمة بدل أن تعمل في السوق بطريقة عشوائية نقوم بدورنا بتشغيل هؤلاء بعقود منظمة بين العائلة ومقدم الرعاية وبنفس الوقت تنظيم الخدمة. وهناك استقطاب للكوادر عن طريق الإعلانات لمن يمتلك المحبة والحنان ويرغب في خدمة كبار السن، ومن يستجيب يخضع لدورات مناسبة تساعده بتأمين فرصة عمل بشكل مباشر.
تأمين جليسات أطفال
وحول تأمين جليسات أطفال أشار داود أن الاحتياجات الاجتماعية تتطور باستمرار في ظل ظروف عمل مختلفة للسيدات والأمهات حيث أخذت الأمهات يطلبن رعاية لأطفالهن لبعض الوقت وخاصة لمن لديهن أعمال إضافية فرضتها الظروف المعيشية، فكان دور المركز هو البحث عن فتيات وسيدات سبق لهن وعملن في هذا المجال، الى جانب تأهيل وتدريب سيدات أخريات راغبات بالعمل في هذا المجال، وبالتالي أي سيدة يكون لديها عمل لساعات محددة، أو زيارة، أو أي حالة اضطرارية يتم التواصل مع المركز لتأمين جليسة أطفال وفق الساعات المطلوبة في منزلها، وكذلك الأمر بالنسبة لمدبرات المنازل اللواتي يعملن حسب احتياجات النساء في منازلهن، إذ لدى المركز كوادر خاصة بأعمال التنظيف بشكل كامل، ويمكن أيضاً إجراء عقود لدوام يومي في البيت، أو حسب الطلب، مرة في الأسبوع، أو الشهر، وفق مقتضيات الحاجة. منوهاً أن فرص العمل واحتياجات السوق المختلفة أصبحت مطلوبة بشكل كبير،
أما التحديات التي تواجه آلية العمل هي تأمين الكوادر المناسبة بشكل عام، هناك كوادر جيدة بالتأكيد لكن لا تمتلك الخبرة الكافية أو الأسلوب الصحيح في التعامل ما يضطرنا إلى عمليات فلترة وفرز، فالأشخاص الجيدون يكسبون فرص عمل مباشرة، ومن يحتاج التدريب نلبي له هذه الرغبة، ومن خلال التجربة يتم القبول أو الرفض، فما يهم في هذا الجانب أن يأخذ الزبون خدمة جيدة، وتحصل العائلة على خدمة إنسانية قبل أن تكون مادية فهي تتعامل مع مركز موثوق وليس مع شخص.
تدريب ومتابعة
داود أبدى حرص المركز الشديد على موضوع التدريب والمتابعة، فحين يطلب شخص ما تقديم خدمة لكبير سن في المنزل فإن دوره لا ينتهي مع إرسال مقدم الرعاية وأخذ العمولة، وإنما يتابع الأمر طيلة فترة العقد، للوقوف على أي ملاحظة يمكن تجنبها، وفي حال عدم الاستجابة لأي تنبيه يبدل مقدم الرعاية فوراً.
وعن شروط العقد أوضح أنه يتم حسب الطلب، بعض العائلات تطلب الرعاية لفترة طويلة، وبالتالي الحد الأدنى لفترة العقود ستة أشهر وهي تتغير مع تطور الظروف المعيشية.