الثورة – إيمان زرزور:
منذ توليها السلطة عقب سقوط نظام الأسد البائد، أولت القيادة أهمية متزايدة لدور المرأة في الحياة السياسية والإدارية، معتبرةً مشاركتها ركيزة أساسية في عملية بناء الدولة الجديدة، ورغم الحضور الواسع للنساء في انتخابات مجلس الشعب السوري بدورته الأولى بعد التحرير، إلا أن تمثيلهن لم يبلغ المستوى المأمول، وفق ما أكده رئيس اللجنة العليا للانتخابات محمد طه الأحمد.
وقال الأحمد في حديثه لتلفزيون سوريا إن نسبة تمثيل النساء في المجلس الجديد لم تتجاوز 3% بعد انتهاء عمليات الفرز الأولية، مشيراً إلى أن الرئيس أحمد الشرع يتابع هذه المسألة باهتمام بالغ، وسيتخذ خطوات عملية لتصحيح هذا الخلل عند اختياره للثلث المعيَّن من أعضاء المجلس، وفقاً لما نص عليه الإعلان الدستوري، وذلك بهدف تمكين النساء الكفوءات من المشاركة في صياغة المرحلة السياسية المقبلة وتعزيز التوازن داخل المؤسسة التشريعية. وأوضح الأحمد أن اللجنة العليا حرصت منذ البداية على ضمان التوازن في التمثيل بين مختلف المكونات والفئات الاجتماعية، مشيراً إلى أن مشاركة المرأة كانت أولوية في رؤية اللجنة، لكنها لم تنعكس بعد بالشكل الكافي في النتائج النهائية، وهو ما وصفه بـ”الثغرة التي يجب معالجتها لضمان العدالة التمثيلية”.
يشير هذا التوجه إلى أن القيادة تعتبر وجود المرأة في مجلس الشعب أحد أعمدة بناء سوريا الحديثة بعد الحرب، فمشاركتها ليست مطلباً شكلياً بل ضرورة وطنية تسهم في إعادة تعريف مفهوم السلطة على أسس العدالة والمواطنة والمساءلة.
تؤكد اللجنة العليا للانتخابات أن المرحلة المقبلة ستشهد توسيع قاعدة المشاركة النسائية في كل المستويات السياسية والإدارية، انسجاماً مع توجهات الرئيس أحمد الشرع الذي شدد مراراً على أن الشرعية في سوريا الجديدة تُبنى بالإرادة الحرة لا بالوراثة، وأن المواطنة لا تكتمل إلا بمشاركة المرأة.
ويعزز وجود المرأة في العملية التشريعية من تطوير السياسات الاجتماعية والاقتصادية لتكون أكثر ارتباطاً بحاجات المجتمع، لا سيما في مجالات التعليم، والرعاية الصحية، وحماية الأسرة، ومكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، كما أن المرأة، بحكم موقعها الاجتماعي، قادرة على تمثيل الفئات المهمشة والدفاع عن حقوقها ضمن المؤسسة التشريعية.
وفي وقت سابق، أشاد الرئيس أحمد الشرع، خلال لقاء جمعه وعقيلته السيدة لطيفة الدروبي بعدد من النساء السوريات بمناسبة عيد الأضحى، بالدور الريادي للمرأة السورية، مؤكداً أنها كانت وما زالت في قلب الفعل الوطني، وقال إن المرأة لم تكن يوماً متفرجة على المأساة، بل كانت صانعة للكرامة الوطنية، مناضلة وصابرة ومربية للأجيال، مشيراً إلى أن صمودها كان جزءاً من صمود سوريا نفسها في مواجهة الحرب والتحديات.
وأضاف الرئيس الشرع أن النساء السوريات حملن عبء الثورة والحرية، وواجهن الاعتقال والتهجير والفقد، وقدمن التضحيات الكبرى من أجل مستقبل أبنائهن ووطنهن، مؤكداً أن المرحلة المقبلة ستشهد تعزيزاً لدور المرأة في مؤسسات الدولة والمجتمع، باعتبارها شريكاً أساسياً في إعادة الإعمار وصياغة المستقبل.
وبحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فقد قُتلت منذ عام 2011 حتى آذار 2025 أكثر من 16600 سيدة سورية، 78% منهن على يد نظام بشار الأسد وحلفائه، كما لا تزال 9736 سيدة مختفية قسرياً، 82% منهن لدى النظام ذاته، إضافة إلى تسجيل أكثر من عشرة آلاف حالة عنف جنسي ضد النساء. هذه الأرقام تعكس حجم المعاناة والتضحيات التي واجهتها النساء خلال سنوات الحرب، لتكون مشاركتهن اليوم في الحياة السياسية استحقاقاً وطنياً قبل أن تكون مكسباً حقوقياً. بهذا النهج، تسعى سوريا الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع إلى تحويل حضور المرأة من مشاركة رمزية إلى قوة فاعلة ومؤثرة في صياغة مستقبل البلاد، لتصبح شريكة حقيقية في بناء الدولة والعدالة والحرية.