الثورة- نيفين أحمد:
المنافسة في العمل شكل من أشكال التحفيز للموظفين، إذ تساعدهم على زيادة الإنتاجية والابتكار وتفجير طاقاتهم الإبداعية، لكن عندما تصبح المنافسة غير صحية تكون مضرة للأفراد وتؤثر سلباً على بيئة العمل، لينعكس ذلك على أداء الموظف وإبداعه.. كما نلحظ أن المنافسة يمكن أن تسبب التوتر وتقتل الروح المعنوية لدى العديد من الزملاء، خاصة عندما تتعامل مع زميل العمل المزعج الذي يحاول دائماً إحباطك والحصول على الأفضل في العمل.
وللوقوف على كيفية التعامل مع مفهوم المنافسة في مكان العمل التقت “الثورة” عضو الهيئة التدريسية في كلية التربية اختصاص إرشاد نفسي الدكتورة ريتا زيدو، وأجابت عن سؤالنا هل المنافسة تحفيز أم إحباط؟ موضحة أن المنافسة قد تكون إيجابية أو سلبية أو بشكل أدق هناك ايجابيات للمنافسة إن تمّت بشروط صحيحة، وسلبيات إن تمّ استخدامها بطريقة خاطئة، فالجانب الإيجابي هو تحفيز أما السلبي فهو إحباط.
وللجانب الإيجابي مزايا كثيرة كزيادة الإنتاجية بين الموظفين، إثراء بيئة العمل بالعديد من الخبرات المتنوعة، وجود التنافس يخلق نوعاً من التفاؤل والايجابية في بيئة العمل.
أما الجانب السلبي والذي يؤدي إلى الإحباط فمن نتائجه: التأثير على روح الفريق الواحد، ولاسيما إذا كان هناك شخص دائماً ما يحظى بالمكافآت أو يحصل على التقدير المادي أو المعنوي، التأثير على الأهداف الجماعية لمصلحة الأهداف الشخصية للفرد، سهولة الشعور بالإحباط السلبي والذي بدوره قد يحوّل الموظف من موظف لديه القدرة على التطوير والنمو إلى شخص محبط فقد الثقة في ذاته وقدرته على الإنجاز، صعوبة الشعور بالرضا الوظيفي “والذي هو مهم جداً في أي عمل”، كذلك صعوبة الشعور بالراحة والإحساس الدائم بالضغط النفسي الذي قد يؤدي بدوره إلى الاحتراق الوظيفي.
المنافسة الصحية
وعن المنافسة الصحية، تؤكد زيدو أن المنافسة في العمل ضرورية ومطلوبة، إذ من دونها قد تغيب العديد من الأمور في بيئة العمل وأهمها الابتكار والإبداع، لكن لنحصل عليها يجب إدارة التنافس بشكل جيد ووضع خطط إدارية واضحة تعمل على تنظيم المنافسة بين المديرين والموظفين والعاملين، واستخدامها كمحرك للتطوير بين أفراد فريق العمل.
وأهم شيء لنجعل المنافسة صحية هو العدل من خلال توزيع الأدوار والمسؤوليات والمهام وحتى المكافآت، أي بعبارة أخرى نجعل المنافسة صحية من خلال توفير البيئة الصحية التي تجعل التنافس إيجابياً وسليماً.
وعن كيفية التعامل مع المنافسة غير الصحيحة؟.. تذكر عضو الهيئة التدريسية، إذا أردنا أن يتم الأمر بنجاح يجب أن نتوجه إلى رب العمل أو المدير الذي هو الأساس في خلق بيئة مناسبة للمنافسة، وهذا الدور يكمن في وضع الآليات والأساليب الموجهة لحدود ونوعية البيئة التنافسية بين الموظفين، وبالتالي يمكن القول: إنه يجب على قائد العمل في أي قطاع تعزيز بيئة العمل التنافسية بشكلها الإيجابي، وذلك ببث ثقافة التعاون بين موظفيه لما يخدم مصلحة العمل والسعي نحو المشاركة في تحقيق الأهداف المرجوة من خلال دعم العمل الجماعي، وتقديم الحوافز المادية والمعنوية لما لذلك من أثر ملموس في رفع الفعالية والكفاءة بين الموظفين فيما يخدم الهدف العام للعمل.
وتشير زيدو إلى أنه ربما لا تخلو بيئة عمل في بعض الأوقات من هذه المنافسة غير الصحية خاصة عندما تفتقر جهة العمل للثقافة المؤسسية الإيجابية، ولمثل هذه المنافسة تأثير سلبي على الموظفين، ويتمثل هذا التأثير في شعور الموظفين بالضغط النفسي وفقدان الثقة بينهم وبين الإدارة ولاسيما عندما يتم تقديم معلومات مغلوطة بهدف الظهور والتميز.
والأهم- من وجهة نظر المرشدة النفسية- هو العدالة وعدم إعطاء المكافآت والحوافز من دون أدلة واضحة ودون استثناء هذا الأمر يعزز التعامل بشكل احترافي مع التنافس بمعناه الإيجابي.
وفي الختام تنوه زيدو بأننا نحن كبشر ولدنا برغبة في الانجاز وتحقيق الذات، حيث يعتبر تحقيق الذات حاجة من الحاجات الإنسانية التي تتأثر بالعديد من العوامل منها نمط الشخصية، موضحة أنه في بيئة العمل كثيراً ما تتأثر هذه الحاجة أو يمكن إشعالها من خلال التنافس بين الموظفين، وهذا التنافس الذي يجب أن يكون تحت قاعدة “القمة تتسع للجميع” أو بعبارة أخرى أن يكون التنافس في التعاون لتحقيق الأهداف وليس التنافس في إقصاء الآخر بعيداً عن تحقيق الأهداف، وأن أفضل السبل لتحقيق البيئة التنافسية الإيجابية تكمن في قدرة الإدارة على تشريع وضبط المنافسة بين الموظفين وفق آليات تجعل منها منافسة على التعاون في تحقيق الأهداف والتمتع بالمكافآت بشكل عادل بين الجميع وفق قواعد وآليات واضحة.