اعتبر رفع أسعار الفائدة الأداة الأنجح لمواجهة التضخم.. “المركزي”: اقتصادنا تحمّل خسائر تجاوزت الحرب وإغلاق Covid-19
الثورة – دمشق – مازن جلال خيربك:
قال مصرف سورية المركزي إن البنوك المركزية وخلال العامين الماضيين قد أطلقت سلسلة من الزيادات في أسعار الفائدة صنفت على أنها الأعلى منذ عقود، وذلك بهدف كبح معدلات التضخم المتصاعد، مشيراَ إلى أن صنّاع السياسات كانوا قد رفعوا أسعار الفائدة بنحو 400 نقطة أساس وذلك في الاقتصاديات المتقدمة أواخر العام قبل المنصرم 2021، وحوالى 650 نقطة أساس في اقتصاديات الأسواق الصاعدة.
استمرار رفع الفائدة..
وبحسب المركزي في دراسة له حول “ارتفاع أسعار الفائدة لفترة أطول وأثارها” فإن معظم الاقتصاديات تستوعب التشديد النقدي الكبير، ولكن معدلات التضخم الأساسي لا تزال مرتفعة في عدد منها كالولايات المتحدة الأمريكية وبعض أنحاء أوروبا، مما يوجب على البنوك المركزية الرئيسية الاستمرار في تطبيق أسعار فائدة أعلى لفترة أطول.
تلافي سلاسل الزيادات..
وبحسب المركزي فقد حذت السياسة النقدية في سورية حذو اقتصاديات العالم فيما يتعلق برفع أسعار الفائدة على اعتبارها الأداة الأنجح في مواجهة معدلات التضخم المتزايدة، كما تحافظ عليها عند مستويات معينة، وذلك دون المرور بسلاسل متعاقبة من الزيادات التي كانت قد اتبعتها الكثير من الاقتصاديات ولاسيما المتقدمة منها، مبيناً أن ذلك يعود إلى الوضع الاستثنائي للاقتصاد السوري على مدار عقد من الزمن وما تحمّله من ضغوطات وخسائر كبيرة تجاوزت خسائر الحرب والإغلاق خلال فترة وباء Covid-19 إلى انتقال التضخم العالمي إلى سورية من خلال أسعار السلع المستوردة وتكاليف الشحن وارتفاع تكاليف التمويل العالمية وضعف سلاسل التوريد بعد العقوبات الاقتصادية واستمرار الصعوبات المتعلقة بالإنتاج المحلي وفقدان العديد من مصادر الثروة الطبيعية والزراعية والبشرية.
هوامش الأمان النقدية..
مصرف سورية المركزي أشار في دراسته إلى ورقة أعدت لمصلحة صندوق النقد الدولي حول أن العديد من الشركات شهدت نهاية أعمالها أثناء جائحة Covid-19، بينما نجا غيرها بفضل هوامش الأمان النقدية القوية، واستطاعت الحفاظ على هوامش أرباحها على الرغم من ارتفاع معدلات التضخم، ولكن مع استمرار ارتفاع أسعار الفائدة لفترة أطول من المتوقع، فقد أوشكت العديد من الشركات على استنفاذ هوامش الأمان النقدية في ظل تراجع الأرباح وارتفاع تكاليف خدمة الدين، كما فرض ارتفاع أسعار الفائدة تحديات أمام الحكومات أيضا، لجهة أن البلدان منخفضة الدخل والواعدة استثماريا تواجه مشقة أكبر في عملية الاقتراض بالعملة الصعبة كالعملة الأوروبية الموحدة (اليورو) والين والدولار الأمريكي والجنيه الإسترليني، وذلك بسبب العائد الأعلى الذي يطلبه المستثمرون الأجانب، وبالمقابل لا يواجه عدد من الاقتصاديات الصاعدة الكبرى هذا المأزق بفضل قوة أساسياتها الاقتصادية وسلامتها المالية بالرغم من تباطؤ تدفقات الاستثمارات الأجنبية.
إذكاء التضخم..
ورقة العمل- وفقاً لما أورده المركزي في دراسته- أشارت إلى أن معظم المستثمرين لم يكترثوا بالأدلة المتزايدة على الصعوبات التي يواجهها المقترضون في السداد، فإلى جانب سلامة أوضاع أسواق الأسهم والسندات عموماً تحسنت الأوضاع المالية في ظل توقعات المستثمرين بحدوث هبوط عالمي هادئ، أي احتواء التضخم بفضل أسعار فائدة البنوك المركزية من دون التسبب في الركود، مع الأخذ بعين الاعتبار أن ذلك يخلق صعوبات، لجهة أن التيسير النسبي في الأوضاع المالية يؤدي إلى إذكاء التضخم كما يمكن أن تزيد حدة تشديد أسعار الفائدة من وقوع صدمات معاكسة، كما من شان التشديد الحاد للأوضاع المالية أن يفرض ضغوطا على البنوك الضعيفة التي تعاني بالفعل من مخاطر ائتمانية مرتفعة، وفي هذا السياق أشارت مسوح لعدة بلدان الى تباطؤ الإقراض المصرفي بسبب تزايد مخاطر المقترضين.
موقف البنوك المركزية..
الورقة التي أوردها المركزي أوضحت أن بإمكان صنّاع السياسة الحيلولة من دون أي تطورات سلبية مع بقاء البنوك المركزية على عزمها بإعادة التضخم إلى المستوى المستهدف، فاستدامة النمو الاقتصادي والاستقرار المالي مرهونة باستقرار الأسعار، كما بيّنت ضرورة مواصلة العمل على تعزيز آليات التنظيم والرقابة في القطاع المالي نظرا لأهمية سلامة البنوك بالنسبة للاقتصاد العالمي.