الثورة – دمشق- ميساء العلي:
قدم الباحث الاقتصادي مُحي الدين رازي خلال ندوة الثلاثاء الاقتصادي في المركز الثقافي بأبي رمانة مجموعة من الحلول والمقترحات للجهات المعنية من شأنها أن تحسن السياسة النقدية والمصرفية حيث طالب بإلغاء منصة تمويل الاستيراد واستبدالها بأدوات اقتصادية فعالة مثل رفع رسوم الاستيراد، خاصة إن سعر الدولار الجمركي حالياً أقل من سعر الصرف بالسوق السوداء.
ورأى أنه من المنطق رفع رسوم الاستيراد لتخفيض المستوردات، ومع ربط المستوردات بالتصدير والسماح لبيع دولار التصدير، أو توفر حساب دولار للمستورد من خارج سورية، الذي يرغب في الدخول للمنصة يستطيع أن يدخل ولا تكون المنصة إلزامية، إضافة إلى تحرير دولار التصدير من أي قيود بحيث يحق للمصدر أن يبيع دولار التصدير لأي مستورد آخر وعدم إلزام المصدر بتحويل نصف صادراته إلى الليرة السورية، وأدى ذلك لارتفاع تكاليف التصدير.
كما طالب برفع الفوائد على سندات الخزينة من أجل ضمان الاكتتاب عليها وزيادة الاعتماد على السندات لتمويل العجز من أجل سحب السيولة من القطاع المصرفي المطالب بإلغاء كل القيود التي أدت لتقييد دوران الليرة من تأمينات نقدية وسحوبات وغيرها من الأدوات الإدارية غير الاقتصادية واستبدل بها رفع أسعار الفوائد على الودائع أو إصدار أنواع أخرى من الشهادات الإبداعية القابلة للتداول أو إصدار وديعة ليرة دولار وغيرها من الأدوات التي تعيد الثقة لليرة.
وذكر رازي أن المشكلة التمويلية في سورية ليست نقص الدولار بل فقدان الثقة بالجهاز المصرفي وبالليرة السورية، وبالتالي إلغاء القيود واستبدالها بفتح وديعة دولار بفائدة تشبه فائدة ودائع الدولار العالمية قرابة 6 بالمئة وتغيير المنهج في السياسة النقدية المصرفية من فقدان ثقة متبادل وتقييد إجراءات إلى بناء ثقة وتشجيع على التعامل.
كما اقترح ربط القرض بالليرة بسعر الدولار، وبالتالي لا يأخذ القرض إلا الذي يحتاج التمويل وليس للمضاربة مع رفع ربحه الضريبي بما يتوافق مع أرقام تمويلاته الرسمية، وبالتالي نشجع الشركات على تقديم بياناتها الحقيقية لأنها ستستفيد من القروض بالليرة إضافة إلى مضاعفة سعر الفائدة.
وأكد أن الليرة لم تعد تقوم تقريباً بأغلب وظائف النقد المطلوبة منها، وحالياً تمارس وظيفة واحدة تقريباً بشكل جزئي ومشروط، وذلك وفق عدة أمور.. ذكر منها أن أغلب عمليات التسعير حالياً بسورية تتم وفق سعر صرف الدولار بالسوق السوداء وبشكل شبه فوري، وفي بعض الأحيان بشكل مستبق أي أن التجار يتحوطون مسبقاً لتراجع الليرة ويقومون بتسعير السلع على دولار أعلى من السوق السوداء مثلاً بسعر 16000 أو 20000 حسب كل سلعة، مستفيدين من غياب التنافس في السوق نتيجة ضعف الإنتاج وتراجع الاستثمار وتقييد الاستيراد.
ولفت إلى أنه عمليات التسعير بالدولار تشمل أيضاً الكثير من السلع والخدمات التي تسيطر عليها الحكومة مثل البنزين والمازوت والوقود وإصدار جوازات السفر، وكذلك أسعار أغلب السلع في المؤسسات الاستهلاكية تقارب الأسعار في السوق، إضافة إلى تسعير السلع ذات الإنتاج المحلي التي لا تتأثر بالاستيراد لكونها ذات فرص تصديرية عالية، مع التنويه بأن السلع والخدمات التي لا يتم تسعيرها وفق الدولار مثل الصحة والتعليم، أدى ذلك لتراجع الجودة وهجرة الكفاءات وضعف التنافسية للأدوية واضطرت الحكومة أن تستجيب لرفع أجور السلع، وأما الخدمات فلم ترفعها، وهذا الدور لا يمكن استعادته إلا بأدوات اقتصادية ونقدية فعالة.
وأضاف أن سبب استمرار الليرة بوظيفتها كأداة تداول جزئية هو القوانين المشددة بحبس وسجن كل من يتداول بغير الليرة، وهذا يعطي مؤشراً خطيراً جداً وهو أن الليرة نتيجة لضعف السياسة النقدية خسرت غالب وظائفها وأن الوظيفة التي مازالت تقوم بها جزئياً هي بسبب العقوبات المشددة، والذي من الممكن أن يكون قد أدى في كثير من الأحيان لدور عكسي.
وأشار إلى أهم قرارات مجلس النقد والتسليف ومصرف سورية المركزي في السنوات الأخيرة والتي اعتبرها مرتبطة بهدفين أساسيين، الأول تشديد المركزية الحكومية الشديدة لعمليات الاستيراد والتصدير من خلال القرارات المرتبطة بالمنصة وتمويل الاستيراد، والثاني زيادة الودائع وسيولة البنوك من خلال إجبار المتعاملين والمواطنين بالتعامل عن طريق البنوك بمختلف العمليات التجارية والبيعية مع تقييد عمليات السحب مثل بيع العقارات والسيارات، والحوالات، تحويل جزء من قيمة الصادرات، بطاقات الدفع الالكتروني، دفع الفواتير عن طريق البنوك، مترافقاً مع قرارات كثيرة من وزارة المالية تتمثل بتخفيض كبير للدعم الحكومي.