في الميدان – وخارج كل جدران غرف الاجتماعات – تتوضع عقارات وأصول الحكومة المستأجرة من القطاع الخاص في أهم وأرقى مراكز المدن السورية من المالكي وأبو رمانة والروضة والبحصة والمزة وينطبق هذا على حلب والرقة ودرعا واللاذقية وطرطوس وحمص وحماة، وهي بالقيمة الرائجة في السوق أسعارها أكبر من كل الاعتبارات المالية ولا تقدر بثمن.. نعم أسعارها الرائجة فوق المليارات!
أضف إلى ذلك فإن جزءاً مهماً من العقارات المؤجرة للحكومة من فترات زمنية طويلة أصبحت من المكونات المعمارية السورية والتي تصل إلى حدود التراث المادي المكون لهوية المنطقة التي تتوضع فيها، وقد يصل إلى لائحة التراث العالمي، وهذا بحث قد يكون في “الماورائيات الفلسفية” لمن يقوم على هذا الملف، لكن نعلم وتعلمون ما هو مصير هذه الكنوز الأثرية عندما يكون قراراها بأيدي القطاع الخاص!
إذاً.. مشغولة الحكومة هذه الأيام كما انشغال أم العروس بموضوع العقارات التي استأجرتها من الناس أو من القطاع الخاص كما تحب أن تسميها.. بالإعلان على الموقع الرسمي.. الحرص والمتابعة اليومية لهذا الملف الهام جداً، والحكاية هو الحرص المطلق لإعادة الحق لأصحابه.
إذاً الملف (يمشي) على قدم وساق.. وتقوم اللجان القانونية والفنية في كل الأطياف الحكومية اليوم بتقدير القيم الرائجة لهذه العقارات، وهنا بيت القصيد، وفيه الطامة الكبرى وفق الاتجاهات التالية:
– هناك غبن كبير يلحق بالمال العام جراء عمليات التخمين وفق العلاقة الإيجارية بين المؤجر (القطاع الخاص) وبين الحكومة (المستأجر).
– هناك تكاليف مالية كبيرة تدفعها الجهات الحكومية جراء عمليات الانتقال وإعادة تـأهيل أماكن الجديدة التي تنتقل إليها هذه الجهات.
– سيرتب هذا الأمر نفقات تشغيل يومية على الجهات العامة بالمحروقات وغيرها تقدر بالمليارات، وسيترتب على الناس الذين تحتاج أعمالهم لزيارة الجهات العامة التي انتقلت من أماكن وسط البلد على أطراف المدن وربما إلى خارجها.
في الصورة المباشرة، فإن الحكومة تكفل حق الناس الدستوري بأن تعيد إليهم أملاكهم وفق قانون الإيجار المعمول به.
وهذا بالفعل حق مشروع للناس على الحكومة.. لكن هل معالجة هذا الملف المتراكم ربما من مئة عام يكون وفق هذه الطريقة؟.. ألا يجب أن يكون جزءاً من مشروع حكومي متكامل ربما يعيدنا إلى إحداث تجمع حكومي كما تم الحديث عنه قبل الحرب في شمال دمشق؟.. وهو اليوم يحتاج الى تكاليف هائلة، وأكيد ليس وقته، لكن كيف يكون وقت ملف إخلاء المباني العامة اليوم؟ فالأمران متعلقان مع بعضهما البعض من حيث المنطق والمآل.