وصلت الحكومة ولأول مرة إلى ترشيد استهلاك المشتقات النفطية عن طريق رفع أسعارها، فالناس أوقفت سياراتها لارتفاع أسعار المحروقات وتكاليف الصيانة ، وأصبح أمام كل مكتب دراجة كهربائية لتلبية الطلبات والمشاوير القصيرة وفي الأرياف قصص أخرى .
قد تكون البيئة أول المستفيدين من تراجع حركة السيارات بعكس الاقتصاد الذي انتقل إلى حالة انكماش نتيجة ارتفاع تكاليف التشغيل والنقل بغياب الكهرباء وارتفاع أسعار المشتقات النفطية .
انتشار الدراجات بكافة أشكالها “هوائية -كهربائية -نارية ” يشبه بداية انتشارها في أوروبا لنواحي نقص المشتقات النفطية وارتفاع أسعارها قبل أن يتحول لاحقاً إلى رياضات منظّمة ورحلات ترفيهية ، ولكن ما لا نشبه أوروبا به هو العشوائية والفوضى في حركة تنقّل هذه الدراجات ومساراتها على الأرصفة وبعكس اتجاه السيارات وبينها ،وتكاد تسمع عبارتي “أوعى” أو “خود بالك من سوسو “التي يطلقها راكبو هذه الدراجات أكثر من عشر مرات في المشوار الواحد إن كنت تسير وسط المدينة .
انتشار الدراجات فتح على الحكومة باباً جديداً وأصبح تنظيم حركة هذه الدراجات وتحديد مسارات خاصة لها ضرورة كما في كل دول العالم المتقدّم ، والأمر قد يفتح بابا جديدا للاستثمار من قِبل مجالس المدن بإنشاء مواقف خاصة لركنها بشكل آمن بعد نشاط حركة سرقتها بشكل كبير ،وكذلك لتأمين الشحن للدراجات الكهربائية.
شكل الحياة يتغير لدينا بشكل كبير بسبب الأزمة ،وزمن الوفرة والتبذير انتهى ، وأصبحت حياتنا بحاجة إلى تغيير الخطط وتنظيمها بشكل مختلف ، فمثلاً لم يعد بالإمكان بناء منازل كبيرة واسعة كأيام زمان لا في المدن ولا في الأرياف و لذلك يجب ابتكار تصاميم جديدة مناسبة لهذا التحوّل في حياتنا وفقاً للإمكانات وهذا يلحق به تنظيم الشوارع والخدمات وكل شيء حتى في عادات الأكل والشرب والعزائم والمناسبات الاجتماعية وكل شيء في حياتنا .
إذا لم تتحرك الحكومة بخططها فإن المواجهة والمعالجة ستكون كالشخص الذي طلب منه الطبيب الابتعاد عن التدخين فصمّم مَشرب للدخان بطول نصف متر ،فزاد من ضرر التدخين ضغط إضافي على الصدر .
معد عيسى