مايجري في وزارة التربية هذه الأيام أقرب إلى “الجراحة” الإسعافية لقطاع بدت عليه ملامح خلل عميق.
خلل التربية كان مقدمة لخلل أكبر ظهر بوضوح في قطاع التعليم العالي، أي ” التربية تأكل الحصرم والتعليم العالي يُضرس”، ولن يكون ممكناً على الإطلاق إصلاح الثاني قبل العلاج الجذري للأول ..وهذا مايحصل في الواقع.
لانظن أن المعالجات الجارية في بنية النظام التربوي، ترتقي إلى مستوى الابتكار أو الفتح الاستثنائي، بل عودة شبه نادمة من مرحلة تجريب صعبة خاضتها الوزارة ورتّبت متوالية مشكلات وتعقيدات.
ومن الجيد أن العودة تجري بإشراف وزير ذو خبرة كبيرة في مجال التعليم العالي، فهو وزير ورئيس جامعة حكومية كبرى، ورئيس جامعة خاصة من أكبر الجامعات، ويعلم جيداً كيف يحد من حجم الإرباكات التي يتلقاها قطاع التعليم العالي، أو يُصفع بها على شكل مخرجات تربوية.
الجديد النوعي فيما يدفع به وزير التربية، هو توطين خيار الاختبار المؤتمت، الذي بالتأكيد لن يكون ذي شعبية، لأنه ينطوي على هواجس كبيرة، قد يكون مصدرها توجس الطلاب وذووهم من التجريب، بما أنهم اكتووا بلفح متوالية تجارب منذ سنوات طويلة، لكن ربما سيغدو خياراً محبباً بعد أن تثبت جدواه على مختلف المستويات.
لكن هناك الكثير من الجراحات المتبقية التي نأمل على “التربية” امتلاك الإرادة والإصرار على إجرائها، قد يكون أهمها ملف التعليم المهني الشائك.
فالتعليم المهني بات بعد سنوات طويلة من التجريب، مضماراً واسعاً لإفشال أعداد هائلة من الطلاب، ولاندعي ذلك تقليلاً من أهمية هذا الشطر من التعليم، بل لأنه يتلقى الطلاب ضعاف التحصيل العلمي، ومناهجه تقنية علمية تحتاج إلى مستويات جيدة من القدرة على الفهم والتلقي.. هذا من جانب، ومن جانب ثانٍ فمعدات التدريب وتجهيزات المدارس المهنية باتت خردة لقدمها وتخلفها، أي على مستويي التقانة والميكانيك، ومثل هذه المعدات لاتؤهل بل تحبط.
التعليم المهني بالغ الأهمية، وسنتابع كيف ستقارب وزارة التربية هذا الملف الصعب، لتكون الثانويات المهنية بيوت تأهيل حقيقي لا نافذة للتخلص من فائض طلاب التعليم العام.
نهى علي