الثورة – رشا سلوم:
واحد من ألمع الشعراء العرب، وممن كان النضال بالبندقية قرين النضال بالفن شعراً وتشكيلاً، وعلامة من علامات الإبداع العربي الفلسطيني, شاعر البطولات والملاحم، استطاع أن يشق دربه في الإبداع الشعري كما في النضال.. تمر هذه الأيام ذكرى رحيله، وكأنه كان يقرأ في كتاب القادم نصر غزة وإرادة أبطالها الذين يصنعون الحرية اليوم.
بطاقة
ولد في عام 1937 بقرية سيلة الظهر بقضاء جنين في فلسطين، ووالده كان أحد المناضلين بوجه الاحتلال البريطاني والعصابات الصهيونية، وشارك في ثورة 1936، واستشهد وابنه لم يبلغ عامه الأول.
عاش أبو خالد طفولته وشبابه في ظروف صعبة واضطر للعمل بمهن عديدة، وبعد أن حاز على الشهادة الثانوية عمل في الإذاعة والتلفزيون في الكويت وسورية كمذيع ومعد للبرامج، نظراً لصوته المميز وإلقائه المعبر وثقافته الواسعة.
وبعد وقوع هزيمة حزيران 1967 انخرط أبو خالد في العمل المقاوم والفدائي شمال الأردن. أصدر أبو خالد مسرحية بعنوان “فتحي” سنة 1969، ثم توجه إلى عالم الشعر فنشر أولى مجموعاته بعنوان “قصائد منقوشة على مسلة الأشرفية” سنة 1971.
ثم تتالت من بعدها إصداراته لتبلغ 12 مجموعة شعرية على مدى 40 عاماً، جمعت كلها ضمن أعماله الكاملة تحت اسم “العوديسا”، واتسمت قصائده برأي النقاد بميلها للحداثة والتجديد ومحافظتها على الموسيقا وارتباطها بالقضية الفلسطينية بصورة مباشرة ورمزية.
أما الجانب الآخر من إبداع أبو خالد فكان الفن التشكيلي، حيث ترك العديد من اللوحات بالتصوير الزيتي التي صور فيها أحداثاً من تاريخ فلسطين.
معلقة غزة على أسوار القدس
لنخيل غزة .. ما أراد… ومايريدُ
وما أريدْ..
لنجومه الأصفى .. تكون قصديتي قمراً
وبيتا لانتصار البر .. في لغتي ..وزيتوناً…
ودارْ …
بيني.. وبين البحر قتل دائمٌ
بيني.. وبين القدس نيران مركبةٌ
ونارْ..
أنا حارس الحلم النبيل على شبابيك البيوتْ..
سأعود في نارنجة حلمت طويلا بالجليلِ
أعود كي اجد الخليل .. لأصطفي قلبا لداليةٍ
تموتُ…
ولا تموت غزالة.. قطعت على الصيادِ
نشوته.. ووزعت الشظايا.. فانتهى
الصياد في نعش القتيلْ…
لنخيل غزة أن يرى.. ماسوف يحدثُ..
أو جرى.. لدم المدائن.. والقرى..
بين الرصاصة.. والقذيفة.. والوريدْ..
لسماء قريتنا تغني نخلة في القدس – عاليةَ
الجبين – ولا تؤرقها القصيدة.. أرقتها
وردة المعنى.. تؤرقها الطفولة في الحريقْ..
ويحيلها الموت المفاجىء جملةً
في دفتر الشعراء.. أو صحف الصباحْ..
لربيع أطفالي الربيعُ..
لزرقة البحر المسافر في دم المرجانِ
والهندي أخضرْ ..
أروي الحكاية.. والحكاية بين مذبحتينْ..
مذبحة الجميلة… والجميلْ..
وكسرة الخبز المغمس في الردى..
زيتا… وزعترْ..
أروي الحكاية للرعود … وللبروقِ ..
وللرياحْ ..
إني أخاصر بئرنا الأولى.. لأدبكَ
خارج النثر المرواغ في السياسيَّ البليغِ ..
أو البليد..
لنخيل غزة.. أن يحاكم في الرمادي الشقيقِ..
رماده.. ليظل أسودْ..
أنا في الرماد نهضت مرات بأجنحتي..
وفي النيران.. أنهضْ..
أنا لي من الأحلام.. أحلامي.. بما يكفي..
لأصمدْ..
أنا لي من الألوان .. لون صواعقي.. والأفق أحمرْ ..
كان المقرر أن أموت.. فلم أمتْ..
كان المقرر أن يغيِّبني الرحيل.. فلم أغبْ..
كان المقرر أن أعيش مجرداً من ذكرياتي..
أن أكون كشاخص الإسفلت.. منسياً
وأنسى..
ومىضى المقرر في الدخان.. وصار رمسا
لقلاع عكا.. أن ترى دمنا.. وتشهدْ..
نمت البطولة.. في الطفولة حالةٌ..
كبرت لنصعدْ..