الثورة – منهل إبراهيم:
يحكم عالم السياسة الخارجية الأمريكية لعبة المصالح والأنانية التي تتجلى في جميع مفاصل ومظاهر التحركات الأمريكية في منطقتنا والعالم.
وعادة تُطرح أسئلة عديدة حول الدوافع التي تدعو الولايات المتحدة الأمريكية إلى تبنى سياسات خارجية معينة دون غيرها، لكن ترجمة الأفعال على أرض الواقع ترشدك إلى الحقيقة وأهداف الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وجاءت الحرب العدوانية على قطاع غزة، وقبلها الحرب الأوكرانية لتنكشف المزيد من الأوراق وترسخ الأفكار حول السياسات الأمريكية الدبلوماسية والعسكرية.
الولايات المتحدة تدفع بالفوضى في كل مناطق النزاع ومناطق الأزمات، والسياسات ثابتة مع تغير الإدارات الرئاسية والتحول المستمر في الظروف التي تتغير في داخل الولايات المتحدة، الشكل قد يتغير لكن المضمون ثابت والتوجه واحد، وهو دعم من ينفذ سياساتها ضمن قيود وشروط، فلا شيء يقدم من قبل أمريكا دون مقابل.
المحرك الأساسي للسياسات الخارجية الأمريكية هو المصالح الأمريكية، وسياسات الولايات المتحدة الأنانية والمصلحية واحدة في الإدارات الديمقراطية والإدارات الجمهورية، ولا يمكن إغفال الدور الذي تؤديه العوامل الأمريكية المحلية في تشكيل السياسات الخارجية للولايات المتحدة، فتقلبات الداخل الأمريكي لها تأثيراتها ضمن حدود معينة.
تتميز السياسات الأمريكية بالعمق واللف والدوران بما يتعلق بالخارجية منها، لكنها بشكل عام شفافة في القضايا المحلية، ماكرة ومخادعة في القضايا الخارجية، ويلعب الإعلام دوراً محورياً في التسويق للسياسات الأمريكية الداخلية والخارجية وربما تخطى دور الإعلام الأمريكي من الترويج إلى الفضائح وكشف وتسريب السري من السياسات الأمريكية الداخلية والخارجية لأسباب كثيرة، والأمثلة كثيرة وغزيرة على ذلك.
وبينما تقوم الإدارات الرئاسية الأمريكية المختلفة والمتعاقبة بصياغة وتنفيذ السياسات الخارجية لبلاد العم سام، يتحكم مجلسا النواب والشيوخ في الميزانية، ومن ثم يؤثران في العديد مما يسمى قضايا الأمن القومي الأمريكي.
ويمكن متابعة وملاحظة التحولات في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية عبر الإدارات الرئاسية المختلفة التي تتعاقب، فعلى سبيل المثال دعم الرئيس الأمريكي الأسبق الديمقراطي باراك أوباما الترويج للديمقراطيات الليبرالية، وقام بتغليب المصالح على القيم، أما الرئيس السابق دونالد ترامب، فلم يتبن سياسة حزبية، ومارس سياسة المصالح والمال ولعبة الحصار والضغط على خصومه، وجاء الرئيس الحالي جو بايدن وبعد أن ضلل شعبه بكذبة الإصلاح والقيم، راح يدعم سياسات الفوضى والحروب بزعم حماية الأمن القومي، وصارت سياسة المصالح المسيطرة على قراراته.
وسواء كان الحكم في أمريكا جمهوريا أم ديمقراطيا، فهو يروج حصرياً لسياسة خارجية أمريكية قائمة على الأنانية والمصلحة السوداء والتنافس التناحري مع العالم، وكلاهما غض الطرف عن تطبيق (قيم) مزعومة تتشدق بها الإدارات الأمريكية عندما تعارضت مع المصالح الأمريكية.
والثابت وهو الأهم في سياسات أمريكا هو اعتبار الكيان الإسرائيلي أكبر قاعدة لها في المنطقة حيث يُنظر (لإسرائيل) دائماً على أنها أقوى حليف للولايات المتحدة، ويُعزى ذلك إلى مفهوم القيم المشتركة السلبية بين بلاد العم سام وطفلتها المدللة (إسرائيل)، ولأجل ذلك تتدفق الأسلحة المقدمة من الولايات المتحدة إلى (إسرائيل) بشكل كبير ضمن أهم أولويات ومحددات السياسات الأمريكية التخريبية المتشعبة في منطقتنا والعالم.