الثورة- هفاف ميهوب:
“كلّ مرّة نخوض فيها حرباً، نكتشف لاحقاً أن الأسباب التي قُدّمت للجمهور، ليست هي التي قادتنا إلى المعركة”.
كلماتٌ تختزل كلّ ما أراد الكاتب والمخرج السينمائي الأميركي “إيوجين جاريكي” أن يقوله، عن “الطريقة الأميركية في الحرب”.. الكتاب الذي أشار فيه إلى المصير المأساوي الذي ينتظر العالم، الذي نراه يكتوي بنيرانِ حروب الولايات المتحدة الأمريكية.
إنه الكتاب الذي ألّفه، بعد أن صنع فيلماً وثائقياً مهماً، لفت الأنظار وحاز الجوائز.. الفيلم الذي ناقش مضمونه مع خبراء كليات الحرب في بلاده، ممن أجابوه على أسئلةٍ طرحها وكان أهمها، ما عنون به فيلمه “لماذا نحارب؟”.
بعد أن وُفّق “جاريكي” بعرضِ فيلمه في كل الولايات الأميركية، سارع لتأليف هذا الكتاب، وقد جمع فيه بين المعرفي والفني، تاركاً فرصة الاحتفال به، لكلّ مشاهدٍ أو قارئ، يعنيه مصير من يواجهون جحيم الترسانة الأميركية.
يطرح المؤلف في الكتاب أسئلة مهمة، وعن كيف ولماذا تقوم أميركا بهذه الحروب، وتخلق أسبابها وتطوّر أساليبها، وتستمرّ في شنّها على الشعوب؟!..
هذا ما تساءل عنه، واستمرّ في تساؤله، إلى أن حصل على إجاباتٍ دفعته لمواجهة حكومته، بتحميلها مسؤولية انعدام ثقة شعبها بها، مثلما انهدام اقتصادها وبنيتها.. أيضاً مسؤولية الحيرة التي أصابتها، خاصة بعد غزوها للعراق، وصمت كلّ أنظمتها حيال الاضطراب الذي انتشر فيها، بعد تحوّل مواردها وآلاتها، وحتى أبناء أمّتها، إلى ترسانة ضخمة تقاتل بها، وتُضاف إلى ترسانة أسلحتها.
أما عن كيفية حصوله على إجاباتٍ دقيقة لأسئلته، فكان ذلك بعد رحلةِ بحثٍ طويلة ودقيقة قام بها، والتقى وحاور خلالها، العديد من السياسيين والمفكرين والخبراء في سلاح الجوّ الأميركي.. أيضاً، عسكريون وجنود يتمّ تدريبهم لخوضِ معارك قادمة، وقد أكّدوا كلّهم أن الحروب التي شنّتها بلادهم، مسّتهم جميعاً بطريقةٍ أو بأخرى، فجعلت لكلّ منهم حكاية، تكشف عن الآثار التي دمّرت بها الحرب، حتى حياتهم ووجودهم الإنساني.
كل ذلك، اعتبره “جاريكي” من نتائج ما خطّطت له الولايات المتحدة الأميركية، وليس فقط عبر الأضاليل والادّعاءات التي روّجت لها وسائل إعلامها وإعلام المؤيدين لحروبها، وإنما أيضاً،عبر أخطر ترساناتها.. “الترسانة الديمقراطية”.
يعود المؤلف هنا، إلى بداية الحروب التي شنّتها أميركا على الشعوب، وإلى الأكاذيب التي أطلقها كلّ رئيس من رؤسائها، لتبرير الحرب التي يشنّها وتخدم أجندته المشبوهة، والمشوِّهة للحقائق التي لم تكن عندما شنّ “بوش” الحرب على العراق مثلاً، لنشر الديمقراطية فيها، أو لنزع أسلحتها.
هي إحدى طرق أميركا في الحرب، وهي طريقة تظهر لكلّ من استمرّ في استخدامها لشنّ الحروب على الشعوب: “تظهر على أنها امتدادٌ طبيعي لدور أميركا الخارجي، المتوسّع منذ الحرب العالمية الثانية، والمتطوّر مع التقدّم التكنولوجي الذي أصبح ممكناً ومستخدماً، في طرق الحرب الأميركية”.
باختصار: الكتاب يكشف المُعلن والمخفي من الطُرق التي تستخدمها أميركا في كلّ حربٍ من حروبها.. يكشف أضاليلها ومخططاتها والخطر الذي تهدد به العالم، دون أن تردعها قيم أو أخلاق عن التسلّح، حتى بمواردها وبنيتها وأبناء أمتها، وترسانة إعلامها وديمقراطيّتها.