الثورة-لميس علي:
في أحد اللقاءات سُئل المخرج السينمائي “كريستوفر نولان” إن كان لا يزال يمتنع عن اقتناء جوال ذكي، ليكون جوابه بالتأكيد على ذلك.
“نولان” الذي يعتبر أحد أهم العباقرة السينمائيين ممن تناولوا موضوعة الزمن مقدّماً إياها بعديد الأعمال التي طرحت أفكاراً تنتمي إلى الخيال العلمي مثل: (واقع بين النجوم، Interstellar) وفيلم (استهلال، Inception).. لكن بقيت بعيدة عن الإفراط وصولاً إلى ما يسمى (ما بعد الإنسانية) وموضوعات من مثل (الذكاء الاصطناعي) وغيرها من أمور تنتمي إلى العوالم المعززة تقنياً.
فالزمن/الخيال كما طرحه “نولان” يُعيدنا إلى الواقع بشكل أعمق.. إلى التأمّل في بعده الثالث، لعلنا نفهم الحياة وأنفسنا أكثر.
يقول نولان: “يكتسب الوجود الإنساني طبيعته من خلال علاقاته بالدوائرالمحيطة به، تلك الدوائرالتي تشكّل عالمه… تستحوذ عليّ دائماً فكرة ان نكون مسجونين داخل الزمن… يبدو الزمن وكأنه خبرة شديدة الخصوصية بنا، ولكن إذا استطعنا النظرالى أنفسنا من خلال بُعد آخر، فقد ندرك أن هذه العلاقات تعني في الواقع شيئاً مختلفاً عما اعتدنا عليه”..
وبالتالي.. هنا خيال السينما يجعلنا ننغرس أكثرفي تفاصيل علاقاتنا وفهمنا لها ولحياتنا بشكل أفضل..
-هل نحن -فعلاً- مسجونون داخل الزمن..؟
ماذا عما يُطرح حالياً من أفكار من مثل السعي إلى التفرد عن طريق الوصول إلى زمن (ما بعد الإنسان)..؟
كأننا لن نكتفي بجعل الواقع معزّزاً وفقط.. بل سيمتد هذا التعزيز ليدخل في تفاصيل حياة البيولوجية للإنسان.. وربما أصبحت الكثيرمن أفلام الخيال العلمي التي تناولت أفكاراً عن الذكاء الاصطناعي، واقعاً..
الأمر لن يقتصر على تطوير الآلة بوسيلة الذكاء الاصطناعي بل تطوير مقدرات الإنسان.
-ما هو (التفرد) الذي يتحدّثون عنه..؟
ثمة تفريق من العلماء تحدّثوا عن التحوّل من الذكاء الاصطناعي العام إلى الذكاء الاصطناعي الخارق. كان كلّ من (فيرنور فينج) و(راي كورزويل ) من بينهم. وكان (فينج) هومن أشاع مصطلح التفرد متحدثاً عن التفرد التكنولوجي القادم الذي ربما سبّب تدمير الحضارة البشرية..
لكن (كورزويل ) كان أكثر تفاؤلاً في كتابه الذي حمل عنوان :”التفرد قريب”، وحدّد موعداً لتحقق الذكاء الاصطناعي الخارق بحلول عام 2045.
يعكس “كورزويل” فكرة أن الآلة ستتفوق على الإنسان، وربما وصل لدرجة نفيها، لطالما يساعد التفرّد البشرعلى العيش شبه خالدين بعيدين على الأمراض والشيخوخة.. وربما أيضاً ساعدتهم تقنيات الذكاء الاصطناعي عبر زرع “شرائح إلكترونية” في أجسادهم ومكّنتهم من منافسة الآلة والاستمرار في السيطرة عليها.
يقول كورزويل: “التفرد سيسمح لنا تجاوز القيود الموجودة في أجسادنا وأدمغتنا… سوف لن يكون هناك فرق، ما بعد التفرد، بين البشر والآلات”..
-هل علينا أن نفرح أم أن نحزن حين نطلع على هكذا معلومات..؟
وكم سيستمر فريق أشباه “نولان”، الذين يبتعدون عن استخدام أي شيء من تقنيات “الذكاء” بأبسط أشكاله.. صامدين في وجه التسارع الفائق للذكاء الاصطناعي..؟
مع كل هذا الذكاء الموسوم اصطناعياً، يتمّ الحديث عن أننا سنعيش ضمن عوالم افتراضية أكثرغنى وإرضاءً لنا من العالم الواقعي..
كأنهم يعملون على تقزيم معنى التفرد ببعده الإنساني الأصيل..
وكأن سمات الآدمي ستسحق حتى من حيث المشاعر والأحاسيس، حين تتم مقارنة الإنسان بالآلة.
البعض تخوّف من كلّ هذه الطروحات معتبراً أنها تحاول طمس الهوية الجندرية لدى الجنس البشري.