الدعم السعودي – القطري ..انعكاس إيجابي.. د. الحزوري لـ”الثورة”: حجر الأساس لإعادة الاستقرار وتعافي الاقتصاد

الثورة – ميساء العلي:

الحراك السياسي والدبلوماسي بعد سقوط النظام المخلوع، وانفتاح سوريا على العالم سياسياً، هو بالتأكيد سينعكس اقتصادياً وقد بدأت الاستثمارات تلوح في الأفق، منها ما تم توقيعه مؤخراً في مجال الكهرباء رافقه مبادرات الأشقاء العرب وتحديداً المملكة العربية السعودية ودولة قطر، اللتان أعلنتا في بيان مشترك صدر أمس عن دعم مالي مشترك للعاملين في القطاع العام لمدة ثلاثة أشهر.. كل ذلك يأتي ضمن جهود التعافي الاقتصادي والاجتماعي في سوريا.

الدعم القطري والسعودي لن يتوقف عند ذلك، بل من المأمول دخول استثمارات كبيرة ستعيد الروح للاقتصاد السوري.

تأمين السيولة

وعن ذلك يقول أستاذ الاقتصاد في جامعة حلب الدكتور حسن حزوري: إن أهمية الدعم الاقتصادي والتمويل الذي تتلقاه الحكومة السورية المؤقتة من السعودية وقطر- بعد سقوط النظام المخلوع وانتصار الثورة- لا يمكن التقليل من شأنها خصوصاً في مرحلة إعادة الإعمار وبناء سوريا الجديدة، سوريا المستقبل، بعد سنوات طويلة من المعاناة ومن الحرب والتدمير والتهجير، هذا الدعم يمكن أن يكون حجر الأساس لإعادة الاستقرار، وتعافي الاقتصاد، وتحسين حياة السوريين بشكل عام وأهمية هذا الدعم وانعكاساته على مختلف القطاعات تتمثل، أولاً بالدعم الاقتصادي والتمويل الذي سيؤدي الى الاستقرار المالي، ويوفر هذا الدعم سيولة عاجلة تساهم في ضبط الوضع الاقتصادي وتأمين السيولة اللازمة لدوران عجلة الاقتصاد وحل مشكلة نقص السيولة القائمة حالياً.

وبالتالي سيدعم استقرار الليرة السورية ويحد من التضخم الكبير الذي عانى الاقتصاد السوري منه كثيراً قبل انتصار الثورة.

وثانياً، هذا الدعم يتمثل بتمويل مشاريع البنية التحتية فإعادة إعمار الطرق، الجسور، شبكات الكهرباء والمياه، المدارس، والمستشفيات، التي ستساهم بدوران عجلة الإنتاج في جميع القطاعات، وبالتالي سيخلق مئات آلاف فرص العمل، المباشرة وغير المباشرة ويساهم في تنشيط الاقتصاد الوطني بشكل عام.

ويضيف: إن الدعم القطري للبرنامج سيعزز تعزيز ثقة المستثمرين فعندما يرى المستثمرون ان هناك دعماً دولياً وإقليمياً وعربياً قوياً، ويترجم على الأرض من اتفاقيات كبرى كما حصل مع قطاع الطاقة والاستثمارات الضخمة التي أعلن عنها بمشاركة سعودية قطرية أميركية تركية، ستزداد ثقتهم في البيئة الاستثمارية الجديدة، ما يشجع على مزيد من الاستثمارات الداخلية والخارجية.

من جهة أخرى يمكن توجيه التمويل نحو دعم القطاعات الإنتاجية الحقيقية، وخاصة الزراعة والصناعة والحرف، لسد فجوة الموارد، وتأمين منتجات محلية بدلاً من المنتجات المستوردة، ما سينعكس إيجاباً على الميزان التجاري ويقلل من العجز.

منعكسات

حزوري يشرح بالتفصيل الانعكاسات على مختلف القطاعات ولنبدأ من القطاع الزراعي، حيث سيستفيد القطاع الزراعي من خلال دعم الفلاحين بالآليات والبذور والأسمدة.

إصلاح أنظمة الري وشبكات المياه، واستصلاح الأراضي التي خرجت من العمليات الانتاجية بسبب دمار الحرب، وبالنسبة للقطاع الصناعي سيتم إعادة النظر ومن خلال دراسات تقييم الأداء أو دراسات جدوى جديدة، من أجل إعادة بناء وتشغيل المصانع المتوقفة أو المدمرة، بعد إعداد دراسات جدوى اقتصادية لذلك، إضافة إلى دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتمكينها من تأمين فرص عمل تلبي حاجة السوق من الأيدي الماهرة، مع تشجيع الاستثمار الصناعي الوطني والخارجي.

أما بالنسبة لقطاع التربية والتعليم فسيكون من خلال المساعدة في إعادة بناء وترميم المدارس، ودعم الجامعات والتعليم العالي والبحث العلمي، ودعم رواتب العاملين في التربية والتعليم، والتعليم العالي وتطوير المناهج التعليمية في مختلف المراحل.

وعن القطاع الصحي سنشهد ترميم المستشفيات والمراكز الصحية وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية، وأما بالنسبة لقطاع الخدمات سيكون هناك تحسين شبكات الكهرباء والمياه والاتصالات، تطوير الإدارة المحلية وتدريب الكوادر الحكومية مع تقديم خدمات بلدية فاعلة تسهم في تحسين جودة الحياة.

وعن قطاع الإسكان يقول حزوري الدعم سيسهم في إعادة ترميم وبناء ما هدم من منازل وبيوت من خلال تقديم مساعدات مالية وفنية للأهالي والنازحين العائدين الى بيوتهم بشكل خاص ودعم مشاريع الإسكان منخفض التكلفة، وتنظيم عشوائيات الحرب وتحويلها إلى مجمعات سكنية حديثة.

وأشار الدكتور حزوري إلى أن هناك أثراً مباشراً لهذا الدعم على الليرة السورية، وسعر الصرف من خلال زيادة الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية؛ أثر فوري ومباشر، فعندما تتلقى الحكومة السورية المؤقتة دعماً مالياً بالدولار أو الريال/ الريال القطري، فإن هذا يزيد من احتياطيات الدولة من العملات الأجنبية.

ويجيب عن كيفية تأثير ذلك ليقول من خلال زيادة الاحتياطي تعني قدرة البنك المركزي على التدخل في سوق الصرف للدفاع عن الليرة وضبط سعرها، ما يقلل من المضاربات والهلع في السوق، وتعزيز ثقة السوق بالعملة المحلية.

وأضاف: إن هناك نتيجة نفسية للسوق من خلال وجود دعم مالي قوي من دول عربية وإقليمية كبرى مثل السعودية وقطر يعطي رسالة للمستثمرين والمواطنين أن هناك استقراراً اقتصادياً قادماً، ما يدفعهم إلى الاحتفاظ بالليرة وعدم استبدالها بالدولار أو العملات الأخرى.

والنتيجة العملية لذلك -بحسب حزوري- هي انخفاض الطلب على الدولار، ما يؤدي إلى تراجع سعره أمام الليرة، وبالتالي استقرار أو حتى تحسن في قيمة العملة الوطنية الممثلة بالليرة السورية، إضافة إلى خفض التضخم وكبح الأسعار، فعند استقرار سعر الصرف، تصبح تكلفة الاستيراد أقل (لمختلف السلع ولاسيما الأساسية التي تؤثر على معيشة المواطن مثل القمح والوقود) وهذا يقلل من أسعار السلع، ويؤدي إلى استقرار القدرة الشرائية للمواطنين، إضافة إلى استقرار الأسعار يعزز الثقة بالاقتصاد وبالعملة الوطنية.

إضافة إلى تحسن في الميزان التجاري، لصالح التصدير، ما سيزيد من تدفق العملات الأجنبية، ويدعم الليرة على المدى المتوسط والبعيد، ناهيك عن السيطرة على السوق السوداء بوجود دعم مالي قوي، واحتياطيات من النقد الأجنبي يستطيع المصرف المركزي، التدخل في السوق، والحد من المضاربات على سعر الصرف.

حزوري يلخص كل ذلك بالنتيجة التالية، ليقول: إن الدعم الاقتصادي السعودي والقطري يمكن أن يكون عاملاً حاسماً في استقرار الليرة السورية، عبر زيادة الاحتياطي النقدي، تعزيز الثقة، تمويل واردات أساسية، وتحفيز الإنتاج المحلي.

كما أنه يلعب دوراً محورياً في إخراج سوريا من أزمتها وبناء دولة مستقرة، منتجة، وقادرة على الوقوف على قدميها، مجدداً الشرط الأساسي لتحقيق هذا التأثير هو وجود إدارة نزيهة، تعتمد معايير الحوكمة والتخطيط الاقتصادي الفعّال، ووجود مؤسسات قوية قادرة على استخدام الموارد الاقتصادية والبشرية بكفاءة وشفافية.

والأهم من كل ما ذكر سابقاً يمكن التركيز على أثر الدعم الاقتصادي من السعودية وقطر على تشجيع الاستثمارات المحلية والخارجية سيكون جوهرياً، ويمكن أن يمهّد الطريق لانتعاش اقتصادي طويل الأمد، بشرط وجود بيئة مؤسساتية مستقرة وشفافة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تعزيز الثقة بالاقتصاد السوري الجديد على حد قول الدكتور حزوري.

ويضيف: إن الدعم المالي السعودي القطري يُعتبر بمثابة شهادة دولية بأن سوريا دخلت في مرحلة جديدة أكثر استقراراً، فالمستثمرون (محليون وأجانب) يقيّمون دائماً “المخاطر السياسية والاقتصادية” قبل ضخّ أموالهم ،لذلك الدعم السياسي والاقتصادي من دول كبرى يقلل من هذه المخاطر، إضافة إلى تحسين بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار، ويرى أنه يمكن توجيه جزءٍ من الدعم إلى إصلاح قوانين الاستثمار، وتبسيط الإجراءات الإدارية مع محاربة الفساد وتفعيل القضاء، هذا يجعل سوريا وجهة أكثر جاذبية لرؤوس الأموال الباحثة عن فرص في الأسواق الناشئة.

وفي سياق متصل، فإن هذا الدعم يؤدي إلى توفير البنية التحتية اللازمة للاستثمار، كون الاستثمار بحاجة إلى طرق، كهرباء، موانئ، إنترنت، ومياه.

لا شكّ أن التمويل السعودي القطري يمكن استخدامه لإعادة بناء هذه البنية الأساسية، ما يفتح الباب أمام مصانع جديدة ومشاريع زراعية وصناعية وسياحية وشركات تكنولوجيا واتصالات، ويمكن أن يُستخدم في إطلاق صناديق تمويل للمشاريع المحلية الصغيرة، ما يشجّع رجال الأعمال السوريين في الداخل والشتات على البدء من جديد.

هذه المشاريع تُعد العمود الفقري لأي اقتصاد ناشئ، فلا ننسى تحفيز المغتربين السوريين على العودة للاستثمار، ومع الدعم السياسي والمالي السعودي القطري يشعر السوريون في الخارج أن الظروف أصبحت أكثر أمناً وثباتاً.. فكثير من السوريين في المغترب يملكون رؤوس أموال وخبرة، وسيعودون إذا شعروا بوجود فرص حقيقية في وطنهم.

آخر الأخبار
وصول كامل الحجاج السوريين إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج   وزير الزراعة: تعزيز الأمن الغذائي و مواجهة التحديات التي تهدد الثروة الحيوانية  ازدياد الطلب على الخضار والفواكه مع قدوم عيد الاضحى الشؤون السياسية تكرّم الفرق التطوعية في "حلب مفتاح النصر"   مجلس مدينة حلب يشمِّع محال مخالفة  رويترز: الولايات المتحدة توافق على دمج جهاديين أجانب سابقين في الجيش السوري الجديد  المغيبون قسراً ... أمل لا ينطفئ  وزير الداخلية يبحث مع نظيره السعودي تعزيز التعاون الأمني  طفولة مهدورة في إدلب.. أطفال ينبشون النفايات بحثاً عن لقمة العيش  سوريا وباكستان تؤكدان الحرص على تطوير التعاون الثنائي  تحقيق لـ “بي بي سي”: أوستن تايس كان معتقلاً لدى نظام الأسد شعلةٌ تضيء ظلام الحرب..  الطفلة نور الكبب.. بين أصوات البراميل وهمسات الكتب  انطلاقة جديدة لمعمل حديد حماة بعد تحديث شامل  سوريا والأردن تخططان لربط شبكات الانترنت بسعة 100 تيرابايت  The New Arab: الإصلاح الوشيك للأمم المتحدة هل يؤثر على الشرق الأوسط؟  "التعاون  الخليجي": أهمية احترام سيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها تتويج الطالب آدم منار الخالد..  تحدي القراءة العربي ينهي موسمه التاسع في طرطوس بورصة دمشق بين الأمل والتحديات في مشهد الاقتصاد السوري  بمشاركة سوريا.. المؤتمر الدولي لآثار الشرق الأوسط ينطلق في ليون  وزير المالية: افتتاح سوق الأوراق رسالة بأن  الاقتصاد بدأ بالتحرك