حتى في عطلة الربيع كان أستاذنا الذي كان يدرسنا في الابتدائي يقوم بجولات مفاجئة لبيوتنا ليرى مدى التزامنا من ناحية و ليظهر مدى حرصه على سلوك و اجتهاد تلامذته من ناحية أخرى …
طبعاً هذا الأستاذ ليس من قريتنا .. بل من قرية مجاورة تبعد أكثر من 3 كم عن قريتنا .. و رغم ذلك كان يتحمل قساوة الطقس والأمطار .. كما أنه لم يكن لديه وسيلة نقل” دراجة نارية ” أو حتى ” هوائية” ..
أستاذ آخر .. هو من نفس القرية كنا نتناوب فيما بيننا نحن التلاميذ و نحن نلعب ” العفص” او ” الكلول” لمراقبة منزله حتى اذا خرج من منزله ” نتفلطع” مسرعين إلى بيوتنا خوفاً و هيبة ..
اليوم نفتقد مثل هؤلاء المعلمين الذين كانوا يعتبرون كلّ التلاميذ أبنائهم .. الخطأ ممنوع .. و هيبة الأستاذ لا تضاهيها هيبة سوى هيبة الأب …
اليوم تشاهد الأستاذ و الطالب يجلسان في الكافتيريا يتشاطران الهرج و المرج .. و هما على قلب واحد و هما يتشاركان في ” نفس أرجيلة …!!
الدروس الخصوصية .. و غياب أولويات الكثيرين من أخلاقية و تربوية إلى مادية بحتة جعل التلميذ يتنمر على أستاذه … كيف لا و هو الذي يدفع له بعد كلّ حصة درسية يعطيه إياها في مكتبه المستأجر .. !! أو في منزله .. أو حتى في منزل الطالب ..
المكان هنا لا يهم … المهم أن يأخذ الأستاذ أجرته من الطالب على شكل دروس خصوصية أو سواها.
نعم … التعليم في خطر .. و لكن ” الحق ” ليس كله على ذلك الأستاذ .. أو الطالب .. فهناك المناهج التربوية و أداء مديريات التربية و إدارة المدارس… كلّ هؤلاء شركاء في تراجع العملية التعليمية.
أمر آخر في هذه العجالة وسؤال متداول في ردهات المنازل و الأزقة يتمحور حول أسباب فرص السنة التحضيرية لطلاب الطب في الجامعات الحكومية بينما الجامعات الخاصة معفية من هذا الشرط ..
البعض وصل به الأمر إلى مرحلة الشك و التشكيك بهكذا قرار من أجل مصلحة الجامعات الخاصة ..
أنا أقول هنا : ربما شكهم و تشكيكهم في مكانه ..
و سنترك المجال واسعاً أمام الجهات المعنية بهذا الموضوع لشرح وجهة نظرها…
ربما نقتنع اذا كانت مبرراتها قائمة على دراسة و حجج منطقية …