الثورة – دمشق – رولا عيسى:
حالة ترقب لدى معظم الأسر تتوجه نحو ما يتداول اليوم من جدل حول إمكانية رفع أسعار مادة الخبز التمويني المدعوم، تلك المادة الرئيسية التي حافظت على حضورها طيلة سنوات الحرب القاسية والاستهدافات الإرهابية الممنهجة لمراحل صناعته، إلى جانب الحفاظ على دعمه بسعر بات رمزياً تجاه ما يحدث من ارتفاع وتضخم في الأسعار بلغ أوجه مع بداية عام ٢٠٢٤ رافقه مايعصف في المنطقة جراء أزمة البحر الأحمر.
لكن ولنبقى في الجانب المحلي، و تحديداً ما يدور من أحاديث عن رفع سعر ربطة الخبز المدعوم (عبر البطاقة الالكترونية)، بعد أن ثبتت خلال عام مضى على سعر ٢٠٠ليرة سورية، بينما لو قارناها بسلع قريبة أو مشابهة لسعرها لوجدنا تضاعفها ألف مرة، والجواب قد يكون بسيطاً، لكنه محوري متمثل بالدعم الموجه إلى الخبز من قبل الدولة، ما جعل من سعر المادة لا يشكل عبئاً كبيراً على المواطن بل بسيطاً ومتماشياً مع دخل محدودي الدخل والمشمولين بالدعم.
اليوم تأمين ربطة الخبز المدعوم عبر المؤسسة السورية للمخابز يتعدى المخابز العامة، ويشمل المخابز الخاصة التموينية، والمتابع لعمل الأخيرة يجد أن بعضها متوقف وأخرى تعاني عدم القدرة على الصيانة وتأمين أجور النقل وأجور العمال، على الرغم من أنها تحصل على كل متطلبات العملية الإنتاجية من المؤسسة السورية للمخابز التابعة لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لجهة تأمين ما يلزم من مكونات لإنتاج رغيف الخبز بما فيها القمح والملح والخميرة وأكياس النايلون والمحروقات هي تتطابق مع مخابز القطاع العام، لكن مايتعلق بالصيانة وأجور العمال هو على عاتق صاحب المخبز.
وهذا ما جعل تلك المخابز تشكو وتواجه خطر التوقف عن العمل بسبب التكاليف الكبيرة المكبلة بالحصار الاقتصادي الجائر، وزاد الطين بلة الأحداث العاصفة في العالم، وبالتالي فإن هذه المخابز ستضطر لإنتاج رغيف خبز من دون المواصفات المطلوبة، وعليه فإن مطالبات أصحاب هذه المخابز مستمرة بضرورة رفع سعر ربطة الخبز، ليقول صاحب أحد المخابز الخاصة بدمشق لـ”الثورة”: ربطة الخبز أرخص سلعة في سورية وربما في العالم، وإن ارتفاعها بنسبة مقبولة يوفر لنا الاستمرار بعملية الإنتاج ويحافظ على فرص العمل لمئات العائلات.
هنا يمكن أن نتوقف ملياً عند ما يتم توجيهه من انتقاد عشوائي غير مبني على الحلول والمقترحات وخاصة في الأونة الأخيرة، فالكثيرون تحدثوا عن رفع سعر ربطة الخبز المدعوم، والجميع يعلم أن سنوات الحرب الطويلة جعلت من موارد الدولة شحيحة وخاصة القمح وحقول النفط المحتلة من قبل الأميركي، ما تسبب باستيراد حوالى 80 بالمئة من القمح اللازم لصناعة رغيف الخبز حتى إن تكلفة فاتورة الدعم لهذه المادة في تصاعد مستمر وكل ربطة تباع ب٢٠٠ ليرة سورية تكلف مايقارب ٨٠٠٠ ليرة لإنتاجها، وعليه فإن أحد الحلول أمام الحكومة هو رفع سعر ربطة الخبز بشكل أو بأخر من دون التأثير على المواطن.
مثلاً هناك من طرح تسعيرها ب800 ليرة، وذلك من أجل استمرار عملية الإنتاج لرغيف الخبز بدلاً من الخسائر والعجز المستمر وعدم فعالية الدعم للخبز ولامقارنة لهذه الزيادة حتى مع (كيس مقبلات صغير سعره 4000 ليرة).
ناهيك عن أنه إذا ما قارنا سعر ربطة الخبز التمويني بربطة الخبز السياحي سنرى فرقاً كبيراً في السعرين، فسعر ربطة الخبز السياحي تجاوزت 14000 ليرة وهي تكلفتها الحقيقية من دون أجور نقل تجاوزت 10 آلاف ليرة، وهذا يؤكد أن سعر ربطة الخبز التمويني تصل إلى ما بين 8000 و 9000 وهذا رقم أكده أحد الخبازين قائلاً: إن تكلفة ربطة الخبز التمويني قريبة من السياحي، ولكن التمويني لا يوجد فيه حليب أو سكر ولذلك ممكن أن تكون تكلفتها أقل.
مما لاشك فيه أن الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي تحدثت عن ارتفاع سعر ربطة الخبز بعدة طرق، لكن لم يشر أحد إلى تكاليف الخبز المتضاعفة مثله مثل الكثير من المواد، بمعنى آخر هل 200 ليرة يمكن لها أن تغطي شيئاً من التكاليف الكبيرة لصناعة الخبز؟.
بالتأكيد ٢٠٠ ليرة قيمة لربطة الخبز في ٢٠٢٤، هو مبلغ رمزي لايضاهي سعر أي سلعة أو أي تكلفة، ولنفترض أن سعر ربطة الخبز المدعوم يمكن أن يصل إلى 500 ليرة، هو سيبقى أقل سعر لأي سلعة أمام ما يحدث من تضخم يومي، فإن الأمر أهون بكثير من أن تكون كمية إنتاج الخبز قليلة وحجم الربطة أقل مما يجعل الضرورة قائمة للاستعانة بشراء الخبز الحر، وبالتالي يصبح الطلب أكثر من العرض، فلنترك للمخابز وعمالها (الحلقة الأضعف) مهمتهم اليومية في الاستمرار بإنتاج أهم سلعة على المائدة السورية، سواء كانت تلك المخابز عامة أم خاصة لتموينية.

السابق