يبدو القطاع السكني في حالة مريبة من السكون، سواء لجهة حركة البناء والبيع والشراء، ويظهر ذلك لدى المكاتب العقارية، فلا طلب على الشراء، وأكثر مايكون الطلب نحو الإيجار وسط عروض قليلة جداً تخوفاً من تكاليف عملية التأجير إلا من كان مضطراً، عندها يطلب أرقاماً لا يقبلها العقل، وتقبلها الحاجة والظروف.
حالة السكون العقاري يمكن أن نلمسها لدى المرور من قرب بناء سكني لم يجهز فيه أكثر من شقة أو شقتين، فيما طالبو ومحتاجو السكن المستقر آلاف مؤلفة، وتشي هذه الحالة بعدة معطيات اجتماعية منها عزوف الشباب عن الزواج لارتفاع التكاليف، وانضمامهم إلى جوقة الباحثين عن فرصة عمل والسفر إلى الخارج، بدل الاستقرار وتكوين أسرة ورفد البلد بما لديهم من خبرات.
أيضاً من المعطيات والمؤشرات الواضحة على الصعيد السكني وجود الكتلة الكبرى من السكان في أحياء السكن العشوائي، وعدم تناغمها مع الخدمات المتردية المقدمة إلى هذه المناطق، ناهيك عن غياب واضح في جولات المسؤولين عن هذه الأحياء، والاكتفاء بالحديث والزيارة لمشاريع الأنفاق والسكن الفارهة على مقياس “ماروتا سيتي”، فيما حي المزة ٨٦ على سبيل المثال تغرق شوارعه بمياه الأمطار والصرف الصحي بسبب رداءة الخدمات وفي مقدمتها الطبقة الإسفلتية الجديدة، لتظهر ركاكتها مع حلول الشتاء وتشكل مجاري على مسار الطريق.
المؤشر الآخر من عشرات المؤشرات لدى استطلاع حالة السكن كمية التهاون والثبات والسكون قبل وبعد الحرب والأزمة في قطاع السكن التعاوني رغم إحالة هذا الملف إلى وزارة الإسكان، ويبدو أن فرحة المكتتبين على هذا السكن انتهت مع استعصاء الحل وإهمال الملف من قبل الوزارة المعنية.
وقد يكون تأمين السكن البديل للمتضررين من زلزال شباط ٢٠٢٣،أحد أهم الملفات الساكنة في قطاع السكن بعد مضي عام على نزوحهم عن منازلهم، وتعثر حياتهم الاجتماعية والاقتصادية.
علينا أن نعترف أن تحولات الأسعار والتكاليف المحيطة بقطاع السكن جزء لايتجزأ من المشكلة، وإذا أردنا الحل علينا بتخفيضها أولاً، وتوجيه التسهيلات أمام إعادة النظر في الشراكة مع القطاع الخاص في هذا المجال، أو الشراكة مع قطاع عام ناجح، والمهم أكثر من ذلك تحسين القدرة المعيشية لدى المواطن وإسعاف دخله المتآكل وقدراته العاجزة أمام حالة السكون والكود في سوق السكن وبقية الأسواق.
السابق
التالي