لا تختلف المواضيع التي تم طرحها من قبل التجار في بيت المال عما كانت تطرحه في غرف التجارة، فالأوراق التي يفردها تجارنا هي ذاتها كلها تدور حول معالجة موضوع دوريات الجمارك التي تدخل إلى المستودعات والمحال التجارية، ومشكلة العديد من التجار المستوردين الذين لديهم بضائع قديمة في مستودعاتهم ولا يملكون بيانات جمركية، لكن يبدو أن تجارنا هذه المرة خرجوا من هذا الاجتماع برضا تام نتيجة الوعود من قبل وزارة المالية بمتابعة التنسيق والتشاور مع الاتحادات لترجمة تلك المخرجات على أرض الواقع.
المشكلة أن تجارنا يطالبون دائماً بحقوقهم ويتناسون واجباتهم التي تفرض عليهم أن يكونوا شركاء حقيقيين لدعم الاقتصاد الوطني.
لا نبالغ إذا ما قلنا إن الطرف الآخر أي _ الجمارك _ لديهم الكثير من التجاوزات في العديد من المنافذ الحدودية وليس آخرها ما حدث في مركز نصيب الحدودي من تلاعب بالبيانات الجمركية وضياع مئات الملايين على خزينة الدولة.
وللأسف من يراقب أسواقنا يراها تعج بالمواد المهربة وعلى مقربة من مبنى الإدارة الجمركية بدون أي رقيب رغم أن مهمتهم ضبط أي سلعة مهربة للحفاظ على المنتج الوطني وتشجيع عملية الإنتاج.
فرغم الخطط التي وضعتها الجمارك والحملات التي أطلقتها منذ سنوات قليلة لمكافحة التهريب والتي كان من المتوقع أن تجعل سورية خالية من التهريب في العام ٢٠٢٠، إلا أن كل ذلك كان مجرد كلام ولم نحصد منه سوى تبريرات لا تقنع أحداً .
فالمشهد أمامنا بات واضحاً، كلا الطرفين _أي التجار والجمارك_ يمتص غضب الآخر بعيداً عن الهدف الأساسي الذي يجب أن يتفقا عليه لحماية الاقتصاد الوطني.
ويتناسون أن التهريب ليس مجرد مليارات تدخل جيوب فئة قليلة على حساب اقتصاد بأكمله بمعنى هو فاقد اقتصادي يضعف قلب التنمية ويفوت على الخزينة العامة للدولة مستحقات كان من المفترض أن تذهب لمطارح تنموية أخرى تدعم اقتصادنا وتعود بالنفع عليه وعلى المواطن.
بالمحصلة نحن بحاجة إلى تشريعات لا تحابي أحد، الأمر الذي يدفع صغار التجار للجوء إلى التهريب لحماية مصالحهم .