لا يحمل بلينكن في جولته للمنطقة مطافئ للحرائق المستعرة التي جرى تأجيجها دعماً لإرهاب الكيان الإسرائيلي وحشو ماكينة إجرامه بذخائر أميركية، فالبيت الأبيض يرسم خرائطه السوداء بأقلام التعديات، ويؤجج الحروب ليفرد أوراق الشروط على طاولات احتواء التصعيد العدواني، لكن المشهد اليوم بات مغايراً بتفاصيله كلها، والأصابع الأميركية العابثة بأمان المنطقة باتت تحترق بلهيب الردود الموجعة، فكلما أشعلت أميركا ناراً لاستعادة هيمنة مفقودة وصبت على الوضع المتفجر البارود أطفأت رياح المقاومة ألسنة مأرب العدوان، وكلما سعت لتوسيع رقعة التصعيد العدواني ارتد وبالاً على قواعد إرهابها.
الدبلوماسية المسمومة التي تحاول واشنطن تعويمها على سطح الإعلام للإيهام بمساعي حلول، لم تعد خافية أهدافها في وقت بات فيه وجود واشنطن الاحتلالي في مرمى عمليات المقاومة ورسائل حزمها. بهلوانية بلينكن الإنسانية وتعاطفه الكاذب مع أطفال غزة الذين تغتالهم”إسرائيل” بأسلحة أميركية وقاحة تضاهي الجرائم الصهيونية المرتكبة، ودعم واشنطن للكيان الغاصب لم يجعله يدوس بعنجهية على حقوق الإنسان فحسب، بل حتى على القوانين الأميركية المتعلقة بالانتهاكات الصارخة بحق الإنسانية ومنها قانون”ليهي” الذي يحظر إمداد أي جهة عسكرياً إذا ثبت ارتكابها انتهاكات بحق المدنيين الأمر الموثق والمثبت وتمارس طقوسه الإجرامية “إسرائيل” جهاراً، ورغم ذلك يبقى المجرم الإسرائيلي فوق القانون وخارج قفص المحاسبة والتجريم الأميركي.
وبالعودة لجولة بلينكن الحالية يتضح أن أميركا عالقة في رمال عقم رهاناتها على العدو رغم كل إمداداتها لانتشاله من قعر الهزائم، فهي تبحث عن مخارج من متاهات انخراطها المعلن ومثقلة بأعباء ارتدادات توسع رقعة التصعيد إقليمياً، كل ذلك أصاب واشنطن في مقتل آحاديتها القطبية، ووسع دائرة سخط الضمير الإنساني العالمي على شراكتها في جرائم الإبادة الجماعية.
وفي ضوء المستجدات الجلية على إدارة بايدن توسيع عدسة التبصر بمآلات أخطاء العبث القاتل وتناول أطباق التغيرات، وإن غصت بحصرمها للخروج من عنق زجاجة وهم السطوة، فمعادلة القوة الموازية بات يكتبها منطق مقاوم فرض معادلاته القوية، وإلا فإنها ستدفع أثمان الحماقات باهظاً سياسياً وعسكرياً.