هو الهمس الأميركي تحت طاولات التفاوض في العراق وفي أذن “إسرائيل”.. لن تخرج واشنطن من المنطقة.. يقولها بايدن في كل لحظة حتى وهو ينزلق على حافته الانتخابية بينما تمسك العراق ساعة سياسية وتشير بالبنان إلى ضرورة خروج القوات الأميركية من توقيت العراق بعد عشرين عاماً.. فهل سيخرج بايدن أو من بعده من العراق كما انسحب من أفغانستان أم أن للبيت الأبيض حسابات تتعدى المصالح الأميركية إلى مصلحة إسرائيل التي يقتلها استقرار سورية والعراق؟.
يقول ديفيد بولوك في معهد واشنطن إن انسحاب القوات الأمريكية من العراق يخلق تهديدات إضافية لأمن “إسرائيل”.. ناهيك عن أن واشنطن قبل خروجها من أي منطقة تعد محاسن بقائها على أصابع شيطانها إذ تضع الحجة وتتستر للبقاء بذريعة داعش الذي صنع بغرف استخباراتها بينما لديها الكثير من الأهداف في العراق وعلى رأسها نهش وسرقة خامات العراق ونفطه وأكثر.
واشنطن تتربع في العراق لتدير كل قواعدها في المنطقة وتستمر في إشعال فتيل الأزمات والخلافات داخل العراق وبين بلدان الشرق الأوسط وتحاول بقاء الفتنة خاصة بين إيران ودول الخليج فهي أي أميركا جاءت محتلة للعراق وتسببت في قتل وتشريد ملايين العراقيين بذريعة وأكذوبة وجود الأسلحة الكيماوية وكلنا يذكر زجاجة كولن باول وهو يلوح فيها في مجلس الامم المتحدة ويقول إن بغداد يجب أن تسقط في قبضة الشرطي الأميركي الذي ضبطها متلبسة بالسلاح الكيماوي وبعد غزو أميركا للعراق وتدميرها انتهت مسرحية الكيماوي باعتذارات بريطانية وأميركية بأخطاء استراتيجية وان وجود الأسلحة الكيماوية في بغداد أكذوبة وزجاجة باول لم يكن فيها سوى بقايا خمرة سكر الغرب في عشاء التآمر على العراق.
حجة غزو العراق كانت كذبة.. لم يخجل طوني بلير أن يفضحها رغم ملايين الشهداء والجرحى في العراق ولم تخجل واشنطن أن ترمم بعد ذلك سمعتها بل استمرت في غزو العراق عشرين عاماً وحاولت تقسيمه انطلاقاً من أربيل واليوم تجلس في قواعدها هناك وتحاول إدارة المنطقة منه وتنفذ جرائم الاغتيالات والعدوان وبدلاً من أن تعد الأيام للانسحاب باتت تعد الخطط للبقاء وعلى رأسها عودة داعش الذي يظهر كل مرة من العدم ويخرج من بين أصابع الساحر الأميركي كلما فرضت الضرورة ذلك ودون أن تفسر واشنطن قدرة الخليفة الداعشي على الظهور والاختفاء حسب المصالح السياسية لواشنطن.
قالت السفيرة الأميركية في بغداد قبل أن تشتعل عملية “طوفان الاقصى”، إن الولايات المتحدة “لن ترحل عن المنطقة”، مؤكدة أن العراق “يمثل أهمية استراتيجية كبيرة لدى واشنطن”، واليوم وبعد دوران نتنياهو السياسي والاستخباراتي في الأراضي المحتلة لن يسمح لأميركا أن تنسحب خطوة واحدة فالمصلحة الإسرائيلية فوق مصلحة واشنطن حتى لو عاد جنود البنتاغون بالتوابيت إلى بلادهم لن يجازف بايدن بانسحاب ثانٍ بعد أفغانستان ولن يقامر بما لا ترضى به إسرائيل وعلى الأقل كذبة التفاوض للانسحاب من العراق ليست بحجم أكذوبة كولن باول لغزوه لذلك وأكثر لن تتفاوض أميركا للخروج هي تتفاوض فقط لالتقاط أنفاسها والصور الدبلوماسية وامتصاص غضب الشارع العراقي.. يتفاوض بايدن لكي لا يسقط مرة أخرى على مكتبه في البيت الأبيض من ارتجاج استهداف قواعده في العراق وسورية..