يكابد الصحفيون اليوم معاناة مضاعفة، تضاف إلى حالة القلق العام لدى موظفي العقود في الدولة، من مصير وظيفي ومعيشي مجهول، ذلك أن شريحة واسعة من الصحفيين السوريين في حالة ترقب، وهم يتابعون ويحللون انعكاسات زيادة الأجور لعدد من العاملين في قطاعات حيوية، فيما يحزّ في أنفسهم أنهم كانوا لسان حال تلك القطاعات عبر منابر مؤسساتهم الصحفية، متعالين على أعبائهم المعيشية، التي وضعوا عليها ملح الصبر عقوداً طويلة، وهم ينقلون هموم وأوجاع الناس.
اليوم يجد الصحفيون أنفسهم في مهب تفاوت يغبن خصوصية جهودهم، وخبراتهم المتراكمة عبر الأزمات، ليس في الأجور فحسب، مقارنة بقطاعات أخرى يتم رفدها بما تستحق، كالأطباء والقضاة والمعلمين، وإنما في مزايا المفترض أنها بديهية، من تأمين صحي وتعويضات منصفة تواكب مسيرة مهنية حافلة بالعطاء رغم ضعف الإمكانيات المتاحة، وجسامة التحديات التي يواجهونها.
وإذا كان كل من الأطباء والقضاة والمعلمون وغيرهم من بناة الوطن يستحقون الدعم والحصانة المادية لأداء واجبهم المهني على أكمل وجه، فإن الصحفيين جنود حقيقيون على خط الدفاع الأول عن مبادئ وقيم وسياسات الوطن ووحدته في وجه الأعاصير المغرضة، والدرع الحصين أمام التحديات الكبرى.
وبالتالي فهم يستحقون منحهم كل ما يحقق الاستقرار المهني المستمد من الاستقرار المعيشي.. وبالتالي النفسي، وتوفير الضمانات الاجتماعية، والصحية المواكبة لتطورات واحتياجات العصر، وبذلك نصل إلى جودة المنتج الصحفي المبتغى، خاصة في ظل الضخ الكمي المطلوب حالياً، وإلا ستفقد مهنة الصحافة بمعناها الحقيقي جوهرها الجاذب للكفاءات، وتدعوهم لهجرها مرغمين، ليحل مكانهم المهووسون بزيادة الإعجاب والمشاهدات، على حساب جودة المحتوى الصحفي ومصداقيته المهنية.. فهل نعي أهمية هذه المناشدات التي ما زالت خجولة!.

السابق