كل المؤشرات تقود إلى أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عائد إلى البيت الأبيض، ومع بروز هذه الاحتمالية مع رئيس هو الأكثر تشكيكاً في جدوى حلف “الناتو”، نرى قادة الاتحاد الأوروبي يفكرون في كل شيء ويعملون كما لو أنهم يستعدون لترك حبل واشنطن السري الذي ربما يقطعه ترامب مع وصوله للسلطة.
أمريكا بالنسبة لأوروبا الأم التي يجب التعلق بها، وهذا ما حدا بـ مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة وهي أول امرأة تتولى الخارجية الأميركية لتصف أمريكا ذات يوم بأنها “الأمة التي لا غنى عنها” في إشارة صريحة لأوروبا التي تتنفس من رئتين أمريكيتين، ولن يكون من السهولة بمكان ترك هاتين الرئتين.
هل يجعل ترامب أمريكا أمة ليست ذات صلة بأوروبا، هذا الكلام بات يتردد في شوارع أوروبا وزواريب “الناتو”، والمخاوف المتزايدة من حدوث تحول جديد ومخيف في الولايات المتحدة جعلت عدداً متزايداً من الزعماء الأوروبيين مصممين على العمل بمفردهم.
مؤتمر ميونخ الأمني السنوي شهد الكثير من الأحداث بشأن إخفاقات الكونغرس، وعاد أغلب الزعماء الأوروبيين إلى بلادهم من ميونخ، وهم أكثر اقتناعاً من أي وقت مضى بأن الولايات المتحدة أصبحت على أعتاب التخلي عنهم.
وبالفعل أصبح انخفاض التمويل الأمريكي محسوساً في مختلف أنحاء أوروبا، والدعم الأمريكي لأوكرانيا لا يزال يستنزف موارد قيادة الجيش الأمريكي في أوروبا وإفريقيا، فقط من أجل استدامة الحرب ضد روسيا بذراع أوكرانيا وليس محبة في تمويلها ودعمها، بل لمحاربة موسكو عبر النظام القابع في كييف ليس إلا، وبدون اتخاذ إجراء من جانب الكونغرس، قد ينفد تمويل العمليات الأمريكية في أوروبا في أيار.
القارة العجوز ظلت لعقود من الزمن مقيدة بالولايات المتحدة باعتبارها الضامن لها، وتحتاجها كفرد قوي وحازم ليكون قيصرها الدفاعي الأول.
أوروبا تترقب التخلي الأمريكي ويتضح ذلك من ابتعاد أوروبا عن أمريكا نحو الاعتماد على نفسها، قبل بلوغ لحظة التخلي الأمريكي، وكان ذلك واضحاً في عمود رأي كتبه الرئيس الإستوني آلار كاريس تحدث فيه عن الدفاع في المنطقة دون إشارة واحدة إلى الولايات المتحدة أو دونالد ترامب.
ترامب يريد أوروبا و”الناتو” مطايا لتحصيل الديون، لكن الصفعة المباشرة لترامب، جاءت على متن مجلة دير شبيغل الألمانية التي كتبت.. “الناتو”، بالطبع، ليس وكالة لتحصيل الديون، والكلام موجه من الحلف الأطلسي لمن يريد التخلي عن أوروبا.
منهل إبراهيم