الثورة – ديب علي حسن:
على الرغم من طغيان فكرة أن الكتاب الورقي لم يعد يحتل المكانة التي كانت ذات يوم، فإن عشرات- بل مئات العناوين- تصدر في سورية ورقيا عن دور النشر الخاصة أو الجهات العامة التي تعنى بالنشر (الهيئة العامة للكتاب- اتحاد الكتاب العرب).
أما الجامعات ومراكز الدراسات، وهي غير موجودة، فإنها تخلت عن دورها تماماً ،واتجه أساتذة الجامعات إلى حيث الهيئات العامة التي يديرها زملاء لهم، وكانت النتيجة تحويلها في معظم الأحيان إلى إصدارات شبه جافة، ليست من الواقع أبداً ،ولا تقترب منه، وكثير منها أطروحات جامعية تم العمل على تحويلها ولاسيما في مجال النقد الأدبي.
وهروباً من قراءة الواقع السوري يتم التركيز على برنامج الترجمة.. صحيح أن الترجمة جسر التواصل ومهمة جداً، ولكن من يتابع ما ترجم يجد أن معظم الكتب تصب في خانة الأفكار التي انتهى عصرها، وفي جانب الدراسات السياسية التي لم تعد تقدم شيئاً .. ولن نبخس أحداً حقه فهناك أعمال إبداعية مترجمة مهمة جداً ..
في خطة هذا العام تم تجاهل اللغة الصينية وآدابها تماماً.. قد يقول أحد ما: ليس لدينا مترجمون عن اللغة الصينية، وهذا ليس عذراً.
أما بالنسبة لمشكلات المجتمع السوري وقضاياه، فهي أكثر من أن تعد أو تحصى، وهذا طبيعي نتيجة الحرب، ومع ذلك ما زلنا بخير…. لكن للأسف لم نجد كتاباً واحداً صدر عن الهيئة العامة للكتاب أو اتحاد الكتاب العرب يناقش قضية اجتماعية ما(فقر ، هجرة، تشرد، تعصب، طلاق، سرقة) إلى ما في القائمة، فقط كان التركيز في اتحاد الكتاب على قضية الهوية وهي قضية مهمة، لكن لا هوية لمجتمع لا يعرف أمراضه ويعمل على علاجها.
الجانب الإبداعي (رواية شعر مسرح) ومنشورات اتحاد الكتاب العرب كان الأكثر حضوراً وقدرة على المعالجة إبداعاً، وكذلك في روايات الهيئة العامة للكتاب، ولاسيما جائزة حنا مينة… وعلينا أن نشير إلى أن الهيئة كانت قد أصدرت منذ فترة(مدونة الحرب) ولكنها توقفت.
نعود إلى السؤال الأهم: أين مفكرونا وكتابنا وباحثونا مما يعانيه المجتمع السوري هل عملوا على سبر أغوار ما جرى…؟؟
في كليات علم الاجتماع والتربية مئات رسائل الدكتوراة، لا أدري إن كانت قد ناقشت قضايانا، وإن كانت قد فعلت، لماذا لم نر نتائج على أرض الواقع… الجامعات أيضاً مسؤولة- بل أكثر مسؤولية من الجميع، أن تكون أستاذاً جامعياً لا يكفي أن تترجم من لغات أخرى وتطبع وتنشر من دون أن تعمل على التشخيص ووصف الدواء.
ربما سوف يقول أحد ما: إننا ناقشنا وكتبنا، ولكن لم ينشروا لنا… ربما يكون ذلك… وربما هو الهروب من عناء البحث والقدرة على الفعل.
باختصار.. أنتم تهربون من الواقع، ونأمل أن نجد ردوداً على ما طرحناه.
لم يعد يهمني ترجمة الاستراتيجيات الغربية وحياة مفكريه، ولا الكثير من قضاياه، وعلى رأي المثل العامي (تركت زوجها مبطوح وراحت تداوي ممدوح).