جهاد الأحمدية: المشهد النقدي ظل الإبداعي

الملحق الثقافي- حوار: نبوغ أسعد:
جهاد الأحمدية شاعر موهوب بالفطرة ويمتلك مقومات الشعر الحقيقية ويكتب البحث والنقد الأدبي والترجمة فهو متعدد المواهب وله العديد من المؤلفات في أغلب الأجناس الأدبية وعضو اتحاد الكتاب العرب وعن النقد كان الحوار التالي :
– من هو الناقد الأدبي وما هي الصفات التي يجب أن يتحلى بها ؟
ج 1: الناقد الأدبي الحق هو الرائي الذي يمتلك حساً نقدياً عالياً بالدرجة الأولى إضافة إلى امتلاكه الأدوات النقدية بمجملها مسخراً ما لديه من سعة اطلاع على التجارب السابقة في هذا المجال والإلمام بالنظريات والمفاهيم النقدية التي تساعده في البناء على ما يراه مناسباً منها في السياق الذي يعمل عليه.. وعليه أن يستعين بالمخزون الثقافي الذي استطاع إليه سبيلاً في شتى مناحي العلوم والمعارف.. وعلى الناقد أن يتحلى بالقدرة على الاستفادة من المحاكمات المنطقية وتحليل العلاقات بين مفردات المادة التي يتصدى لها من جهة وبينها وبين المواد الأخرى ذات الصلة، وأن يفك شيفرتها إذا كانت متشابكة.. وعليه أن يكون موضوعياً بعيداً عن الغايات والمقاصد التي قد تنشأ بينه وبين كاتب النص أو نوعية النص، فاللاموضوعية هي من أهم المآخذ على عملية النقد وعلى الغاية المرجوة منها.
فالنقد عملية إبداعية هامة ومن المفترض أن تكون موازية لعملية إبداع النص بل متقدمة عليها.
2: كيف ترى المشهد النقدي السائد في الساحة الأدبية الراهنة، وهل يؤدي دوره بشكل يخدم النص والمتلقي أم هو قاصر عن النص أم متجن عليه وعلى المتلقي؟
ج2: لا يختلف المشهد النقدي الحالي كثيراً عن المشهد الأدبي، فهما أسيران لمرحلة ضبابية تضيع فيها الملامح والسمات.. لذلك نرى أن النقد المنهجي شبه غائب وكأن النقاد الجادين باتوا مدركين لحالة ضياع البوصلة في العملية الإبداعية الراهنة فأخلوا الساحة ليملأها المتطفلون الذين يتبعون أهواءهم ومزاجياتهم وضحالة معارفهم فيطلقون الأحكام القطعية ويلمعون التماثيل الصفيحية على أنها ذهبٌ خالص، مستندين إلى معايير موثقة في دساتير علاقاتهم الشخصية أو مصالحهم المرجوة من أصحاب النص أو (صاحبات النص) والتي تكون خلبية في معظم الأحيان.. إذن فالنقد الحالي ليس قاصراً عن مواكبة الحالة الإبداعية فحسب بل مشوِّهاً لها ومتجنياً عليها وعلى المتلقي.. هذا هو واقع النقد الحالي إذا ما استثنينا بعض الإشراقات هنا أو هناك التي قد تدعو إلى التفاؤل رغم محدوديتها، وهي ما يمكن تعليق الآمال عليها في توجيه العملية الإبداعية إلى الاتجاه المطلوب لتطويرها.
3: هل يقتصر النقد على المديح فقط؟ وما السبب برأيك؟
ج 3- لا يمكننا إطلاق مثل ذلك الحكم على الحالة برمتها بل على أكثرها فالنادر لا يعول عليه.. أما السبب في كثرة النقد التمجيدي ونقد المحاباة والإخوانيات إنما يرجع إلى انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مفرط ما أدى إلى سهولة النشر وتحرره من الضوابط الرقابية التي تستند إلى معايير فنية عالية ما أنتج استسهالاً لدى ضئيلي الموهبة ودفعهم إلى إطلاق الألقاب الرنانة على أنفسهم ومباركة هذه الألقاب من أسماء اشتهرت قبلهم بالطريقة نفسها؛ فنقرأ هنا أو هناك دراسة نقدية كتبها (شاعر) لم يصنع اسمه بموهبة فذة وعمل دؤوب بل اعتمد على كثرة الكتابة وتعدد مرات الظهور على المنابر، فقد نرى مثل هذا (الشاعر) اسماً من الأسماء الجديدة التي تكثر من الكتابة أيضاً وتسعى للظهور المتكرر على المنابر ويرى فيه حالة استثنائية قد توازي أو تتفوق على أهم الشعراء.. ولا يخفى على أحد أن مثل تلك الحالات هي التي تكرس الخط البياني الانحداري في الحالة الأدبية لا سيما الشعرية منها.
4- كيف يمكن للنقد أن يكون فعالاً ويؤدي دوره بشكل صحيح؟
ج 4- كما أسلفت فإن النقد يجب أن يستند إلى المنهجية العلمية الصحيحة والمعرفة الكافية لمعايير الجنس الأدبي الذي يتصدى له النقد لكي يكون فعالاً في مسألة صقل العملية الإبداعية وتطويرها شكلاً ومضموناً، وهذا لن يتم إذا لم يكن الناقد يمتلك موهبة حقيقية تعينه في الاستفادة من مخزونه الثقافي والمعرفي.. وأستطيع القول بأن أي افتقار لأحد الشروط اللازمة للنقد البناء سيؤدي بما لا شك فيه إلى خلل في العملية النقدية والإبداعية أيضاً.
5- ما هي العلاقة بين النقد الأدبي وبين النصوص التي يتناولها النقد؟ وهل يلعب النقد دوراً هاماً في توجيه مسار العملية الإبداعية من جهة وتوجيه اهتمام المتلقين من جهة ثانية؟
ج5- عملية النقد تأتي لاحقة لعملية الكتابة وليست سابقة لها، فكاتب النص المبدع هدفه الرئيس تلبية الحاجة الجوانية للتعبير عن مكنوناته ثم الوصول إلى المتلقين المفترضين لنصه وقد يضع في حسبانه الآراء النقدية وقد لا يلقي لها بالاً على الإطلاق.. فحين يتحول النص الأدبي إلى مادة مطبوعة يتحرر من خصوصية الكاتب ليصبح ملكاً للقراء والمتلقين، وهنا يأتي دور النقد في تسليط الضوء على الأعمال المنشورة ومحاولة قراءتها قراءة تحليلية أو انطباعية وفي كلا الحالين وسواء كان مؤلف النص مقتنعاً أو غير مقتنعٍ عما يكتب عن مادته الإبداعية فهو أمام أحد خيارين إما الرضا أو عدم الرضا ولكنه لن يستطيع استرجاع المادة نفسها والعمل عليها بل يمكنه الاستفادة من عملية النقد في أعماله التالية، ويبقى المتلقي على تنوع ثقافته ومعارفه ومستواهما محفزاً هامًا للنتاجات الإبداعية أو مثبطاً لها، بغض النظر عن دور الوسيط الذي يلعبه الناقد بآرائه وانطباعاته التي قد تكون ذات تأثير في إعادة توجيه بوصلته وقد لا تكون.
6- ماذا تقول للنقاد لا سيما جيل الشباب؟
ج6- من تحصن بالموهبة واستضاء بالمعرفة وارتقى على سلم المثابرة سوف يهتدي بلا شك إلى ما يفيده في إتقان عمله، وليس لدي ما أقوله لجيل الشباب إلا أن يكونوا جادين في إتقان أي عمل يقومون به ولكي تكون اندفاعاتهم بناءة عليهم أن يهذبوها بحسن اختياراتهم والدقة في توظيف قدراتهم وتوجيهها إلى المسار الذي يوصلهم إلى مبتغاهم، وعليهم ألا يبخلوا على طموحاتهم فيغذونها بالعلم والاجتهاد والمثابرة.
7- أنت تكتب في معظم الأجناس الأدبية كالشعر والترجمة والنقد، ألا تجد صعوبة في التنقل بينها؟ وما هو الرابط الذي يجمع بين كل هذه الأجناس؟
ج7- في البدء كانت الكلمة وكان القول ثم جاء الشعر ميداناً فسيحاً تصول وتجول فيه أخيلة الخيال فلفتني فرسانه المبدعون واشتعلت في خافقي شموع الطموح لعلني أستطيع امتطاء صهوة القول فأميدن في ساحات الشعر خيَّالاً خيلي أخيلتي. بدأت طامحاً ولا أزال محاولاً أن أصل، فكان الشعر ولا يزال ميداني الأرحب.. أما اهتمامي في الترجمة والنقد فلم يأت على حساب الشعر بل مكملاً له فالأجناس الأدبية جميعها تنبع من جبال الرؤيا وتصب في بحار الخطاب البلاغي، وحيث أن كتابة الشعر تحتاج إلى عصافير الإلهام التي لا تأتي إلا في مواسمها فأجدني بين الموسم والموسم أزرع حنطة أيامي لأحصدها وأنثرها قمحاً وبيادر كي أغري أطيار اللهفة أن تنقرها وأنا في موسم أشعاري.
                           

العدد 1179 – 27 -2 -2024    

آخر الأخبار
"المركزي" كوسيط مالي وتنظيمي بين الأسر والشركات  "وهذه هويتي".. "حسين الهرموش" أيقونة الانشقاق العسكري وبداية الكفاح    إصدار التعليمات التنفيذية لقرار تأجيل الامتحانات العامة   لبنان يعلن عن خطة جديدة لإعادة النازحين السوريين على مراحل لاستكشاف فرص التعاون والاستثمار.. الحبتور يزور سوريا على رأس وفد رفيع قريبا  2050 حصة من الأضاحي لأهالي ريف دمشق الغربي "أطباء درعا" تقدم الأضاحي عن أرواح شهداء الثورة   التربية تشدد على التنسيق والتأمين الكامل لنجاح امتحانات2025 ضخ المياه إلى شارع بغداد بعد إصلاح الأعطال الطارئة أعطال كهربائية في الشيخ بدر.. وورش الطوارئ تباشر بالإصلاحات الجولات الرقابية في ريف دمشق مستمرة لا قضيّة ضد مجهول.. وعيونهم لا تنام الأدفنتست" تعلن بدء مشروع "تعزيز سبل العيش" في درعا "تاريخ كفر بطنا ".. خربوطلي : من أقبية الفروع الأمنية بدأت رحلتي  نيويورك تايمز: المقاتلون الأجانب بين تقدير الثورة ومخاوف الغرب سوريا تستعد للعودة إلى نظام "سويفت" بعد عزلتها المالية مفوضية اللاجئين تُعلن وقف دعم اللاجئين السوريين في لبنان الخير يعم بصفاء النفوس أجواء العيد.. إشراقة فرح تتحدى الظروف الوزيرة قبوات عن حادثة حماة: حماية الطفل مسؤولية وواجب وطني